للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى مات بشيزر، ومنها أن القنطارية، وهم رجالة الروم، يُسلّفهم ديوانهم لثلاث سنين، فسلم إليهم جدي ما التمسوه، وتسلم حصن شيزر يوم الأحد، في رجب، سنة أربع وسبعين وأربعمائة، واستمر سديد الملك علي بن مقلد المذكور مالكها إلى أن توفي فيها، في سادس المحرم سنة تسع وسبعين وأربعمائة، وتولى بعده ولده أبو المرهف نصر بن علي إلى أن توفي، سنة إحدى وتسعين وأربعمائة. وتولى بعده أخره أبو العساكر سلطان بن علي إلى أن توفي فيها، وتولى ولده محمد بن سلطان إلى أن مات تحت الردم، هو وثلاثة أولاده بالزلزلة، في هذه السنة المذكورة، أعني سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة، في يوم الاثنين ثالث رجب.

انتهى ما نقلناه من تاريخ ابن منقذ، ولنرجع إلى كلام ابن الأثير.

قال: فلما انتهى ملك شيزر إلى نصر بن علي بن نصر بن منقذ، استمر فيها إلى أن مات سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، فلما حضره الموت، استخلف أخاه مرشد بن علي على حصن شيزر، فقال مرشد: والله لا وليته، ولأخرجن من الدنيا كما دخلتها، ومرشد هو والد مؤيد الدولة أسامة بن منقذ، فلما امتنع مرشد من الولاية، ولاّها نصر، أخاه الصغير سلطان بن علي، واستمر مرشد مع أخيه سلطان على أجمل صحبة مدة من الزمان، وكان لمرشد عدة أولاد نجباً، ولم يكن لسلطان ولد، ثم جاء لسلطان الأولاد، فخشي على أولاده من أولاد أخيه مرشد، وسعى المفسدون بين مرشد وسلطان، فتغير كل منهما على صاحبه، فكتب سلطان إلى أخيه مرشد أبياتاً يعتبه، وكان مرشد عالماً بالأدب والشعر، فأجابه مرشد بقصيدة طويلة منها:

شكت هجرنا والذنب في ذاك ذنبها ... فيا عجبا من ظالم جاء شاكيا

وطاوعت الواشين في وطال ما ... عصيت عذولاً في هواها وواشيا

ومال بها تيه الجمال إلى القلى ... وهيهات أن أمسى لها الدهر قانيا

ومنها:

ولما أتاني من قريظك جوهر ... جمعت المعالي فيه لي والمعانيا

وكنت هجرت الشعر حيناً لأنه ... تولى برغمي حين ولى شبابيا

ومنها:

وقلت أخي يرعى بنيّ وأسرتي ... ويحفظ عهدي فيهم وذماميا

فمالك لما أن حنى الدهر صعدتي ... وثلم مني صارماً كان ماضيا

تنكرت حتى صار برُّكَ قسوة ... وقربُك منهم جفوةً وتنائيا

على أنني ما حلت عما عهدته ... ولا غيرت هذي السنون وداديا

وكان الأمر بين مرشد وأخيه سلطان فيه تماسك، إلى أن توفي مرشد، سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، فأظهر سلطان التغير على أولاد أخيه مرشد المذكور، وجاهرهم بالعداوة،

<<  <  ج: ص:  >  >>