للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ملك برويز، هي السنة الخامسة والثلاثون وتسعمائة للإِسكندر. بالتقريب، وكانت مدة ملك برويز ثمانياً وثلاثين سنة، فيكون هلاك برويز في سنة أربعين وتسعمائة للإِسكندر.

ثم ملك شيرويه وكان رديء المزاج، كثير الأمراض، صغير الخلق، وكان أخوته السبعة عشر كأنهم عوالي الرماح، قد كملوا في حسن الخلق، والأخلاق، والأدب، فلما ولى شيرويه الملك قتل الجميع، ثم ندم علىٍ قتل أخوته، وابتلى بالأسقام فلم يلتذ بشيء من اللذات، وجزع بعد قتلهم جزعاً شديداً، واحترم نوم الليل، وصار يبكي ليلاً ونهاراً ويرمي التاج عن رأسه، ثم هلك على تلك الحال، إن مدة ملكه ثمانية أشهر.

ثم ملك أزدشير بن شيرويه بن برويز، وقيل إِنه كان ابن سبع سنين وحضنه رجل يقال له مهاذر خشنش فأحسن سياسة الملك ثم قتل أزدشير بن شيرويه وكانت مدة ملكه سنة وستة أشهر.

ثم ملك شهريران، وكان من مقدمي الفرس، مقيماً في مقابلة الروم في عسكر عظيم من الفرس، وكان الشام إِقطاعه، وأقبل شهريران بعسكره لما بلغه ملك أزدشير بن شيرويه وصغر سنه، وهاجم مدينة طيسبون ليلاً بعد قتال كثير، وقتل مهاذر خشنش، وقتل أزدشير بن شيرويه، واستولى على الخزائن والأموال ولبس التاج وجلس على سرير الملك، ولم يكن من أهل بيت المملكة، ولما جلس على السرير ودخل الناس للتهنئة، أوجعه بطنه بحيث لم يقدر أن يقوم إِلى الخلاء، فدعا بطست وستارة وتبرز بين يدي السرير، فتطير الناس من ذلك وقالوا: هذا لا يدوم ملكه، وكان من سنة الفرس إِذا ركب الملك أن يقف جماعة حرسه صفين له، وعليهم الدروع والبيض، وبأيديهم السيوف مشهورة والرماح. فإِذا حاذاهم الملك وضع كل منهم ترسه على قربوس سرجه، ثم وضع جبهته عليه كهيئة السجود، ثم يرفعون رؤوسهم ويسيرون من جانبي الملك يحفظونه.

وركب شهريران، فوقف له بسفروخ وأخواه في جملة الحرس، فلما حاذاهم شهريران طعنه المذكورون فألقوه عن فرسه، وحملت عظماء الفرس على أصحابه فقتلوا منهم جماعة، وشدّوا في رجل شهريران حبلاً وجروه إِقبالاً وإدباراً، لكونه تعرض للملك وليس من بيت المملكة.

ثم ولوا المُلك بوران بنت كسرى برويز، فأحسنت السيرة، وردت خشبة الصليب على ملك الروم فعظم موقعها عنده، وأطاعها في كل ما كلفته، وملكت سنة وأربعة أشهر ثم هلكت.

فملك خشنشدة من بني عم كسرى برويز، ولمّا ملك خشنشدة المذكور لم يهتد على تدبير الملك، فكان ملكه أقل من شهر وقتل.

ثم ملكت أرزمي دخت بنت كسرى برويز، ولما ملكت أظهرت العدل والإِحسان، وكان أعظم الفرس حينئذ فرخ هرمز أصبهبذ خراسان، وكانت أرزمي دخت من أحسن النساء صورة، فخطبها فرخ هرمز ليتزوجها، فامتنعت من ذلك، ثم أجابته إِلى الاجتماع به في الليل ليقضي وطره منها،

<<  <  ج: ص:  >  >>