يذكر ابن الأثير وفاة أرسلان بن طغريل إلا في هذا الموضع، وكان ينبغي أن يذكره قبل هذه السنة.
وفيها في ذي الحجة قتل عضد الدين محمد بن عبد الله بن هبة الله، وزير الخليفة، وكان قد عبر دجلة عازماً على الحج، فقتله الإسماعيلية، وحمل مجروحاً إلى منزله فمات به، وكان مولده في جمادى الأولى سنة أربع عشرة وخمسمائة.
وفيها توفي صدقة بن الحسين الحداد، الذي ذيل تاريخ ابن الزعفراني ببغداد.
ثم دخلت سنة أربع وسبعين وخمسمائة في هذه السنة، طلب توران شاه من أخيه السلطان صلاح الدين بعلبك، وكان السلطان أعطاها شمس الدين محمد ابن عبد الملك المقدم، لما سلم دمشق إلى صلاح الدين، فلم يمكن صلاح الدين منع أخيه من ذلك، فأرسل إلى ابن المقدم ليسلم بعلبك، فعصي بها ولم يسلمها، فأرسل السلطان وحصره ببعلبك، وطال حصارها، فأجاب ابن المقدم إلى تسليمها على عوض، فعوض عنها، وتسلمها السلطان وأقطعها أخاه توران شاه.
رفيها كان بالبلاد غلاء عام، وتبعه وباء شديد، وفيها سير السلطان صلاح الدين ابن أخيه تقي الدين عمر إلى حماة، وابن عمه محمد بن شيركوه إلى حمص، وأمرهما بحفظ بلادهما، فاستقر كل منهما ببلده.
وفيها توفي الحصيص الشاعر، واسمه سعد بن محمد بن سعد، وشعره مشهور فمنه:
لا تلمني في سقامي بالعلى ... رغد العيش لريات الحجال
سيف عز زانه رونقه ... فهو بالطبع غني عن صقال
وفيها ماتت شهدة بنت أحمد بن عمر الأبري، سمعت الحديث من السراج، وطراد، وغيرهما، وعمرت حتى قاربت مائة سنة، وسمع عليها خلق كثير لعلو إسنادها.
ثم دخلت سنة خمس وسبعين وخمسمائة.، فيها سار السلطان صلاح الدين، وفتح حصناً كان بناه الفرنج عند مخاضة الأحزان، بالقرب من بانياس، عند بيت يعقوب، وفي ذلك يقول علي بن محمد الساعاتي الدمشقي:
أتسكن أوطان النبيين عصبة ... تمين لدى أيمانها وهي تحلف
نصحتكم والنصح للدين واجب ... ذرواً بيت يعقوب فقد جاء يوسف
وفيها كان حرب بين عسكر السلطان صلاح الدين، ومقدمهم ابن أخيه تقي الدين، عمر بن شاهنشاه بن أيوب، وبين عسكر قليج أرسلان بن. مسعود بن قليج أرسلان صاحب بلاد الروم، وسببها أن حصن رعبان كان بيد شمس الدين بن المقدم، فطمع فيه قليج أرسلان، وأرسل إليه عسكراً كثيراً ليحصروه، وكانوا قريب عشرين ألفاً، فسار إليهم تقي الدين في ألف فارس، فهزمهم، وكان تقي الدين يفتخر ويقول: هزمت بألف عشرين ألفاً.