للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التلامذة ما لا يحصى.

وفيها توفي بقرطبة خلف بن عبد الملك بن مسعود بن بشكوال الخزرجي الأنصاري، وكان من علماء الأندلس، وله التصانيف المفيدة، ومولده في سنة أربع وتسعين وأربعمائة.

وفيها توفي بدمشق مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوري، الفقيه الشافعي، ولد سنة خمس وخمسمائة، وهو الملقب قطب الدين، وكان إماماً فاضلاً في العلوم الدينية، قدم إلى دمشق وصنف عقيدة للسلطان صلاح الدين، وكان السلطان يقريها أولاده الصغار.

ثم دخلت سنة تسع وسبعين وخمسمائة.

ذكر ما ملكه السلطان صلاح الدين من البلاد في هذه السنة، ملك السلطان صلاح الدين حصن آمد، بعد حصار وقتال، في العشر الأول من المحرم، وسلمها إلى نور الدين محمد بن قرا أرسلان بن داود بن سقمان بن أرتق، صاحب حصن كيفا، ثم سار إلى الشام، وقصد تل خالد من أعمال حلب وملكها، ثم سار إلى عينتاب وحصرها، وبها ناصر الدين محمد أخو الشيخ إسماعيل الذي كان خازن نور الدين محمود بن زنكي، وكان قد سلم نور الدين عينتاب إلى إسماعيل المذكور، فبقيت معه إلى الآن، فحاصرها السلطان وملكها تسليم صاحبها إليه، فأقره السلطان عليها، وبقي في خدمة السلطان، ومن جملة أمرائه، ثم سار السلطان إلى حلب وحصرها، وبها صاحبها عماد الدين زنكي بن ودود بن عماد الدين زنكي بن أقسنقر، وطال الحصار عليه، وكان قد كثر اقتراحات أمراء حلب وعسكرها عليه، وقد ضجر من ذلك وكره حلب لذلك، فأجاب السلطان ملاح الدين إلى تسليم حلب، على أن يعوض عنها بسنجار ونصيبين والخابور والرقة وسروج، واتفقوا على ذلك، وسلم حلب إلى السلطان في صفر من هذه السنة، فكان أهل حلب ينادون على عماد الدين المذكور يا حمار بعت حلب بسنجار، وشرط السلطان على عماد الدين المذكور الحضور إلى خدمته، بنفسه وعسكره إذا استدعاه، ولا يحتج بحجة عن ذلك، ومن الاتفاقات العجيبة، أن محي الدين بن الزكي قاضي دمشق، مدح السلطان بقصيدة منها:

وفتحكم حلباً بالسيف في صفر ... مباشر بفتوح القدس في رجب

فرافق فتح القدس في رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، وكان في جملة من قتل على حلب، تاج الملوك بوري بن أيوب، أخو السلطان الأصغر، وكان كريماً شجاعاً، طعن في ركبته، فانفكت، فمات منها.

ولما استقر الصلح، عمل عماد الدين زنكي المذكور دعوة للسلطان، واحتفل لها، فبينما هم في سرورهم، إذ جاء إنسان فأسر إلى السلطان بموت أخيه بوري، فوجد عليه في قلبه وجداً عظيماً، وأمر تجهيزه سرا، ولم يعلم السلطان في ذلك الوقت أحداً ممن كان في الدعوة بذلك لئلا يتنكد عليهم ما هم فيه، وكان يقول السلطان ما وقعت حلب علينا رخيصة بموت بوري، وكان هذا من السلطان من الصبر العظيم، ولما ملك السلطان حلب، أرسل إلى حارم وبهما

<<  <  ج: ص:  >  >>