للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنوب والشمال، واجتمع لهامان من ذلك نحو مائة ألف دينار، فأتى بها إِلى فرعون وأخبره بالقضية فقال فرعون: ويحك إِنّه ينبغي للسيد أن يعطف على عبيده، ولا يطمع بما في أيديهم، ورد على أهل كل قرية ما أخذ منهم. وأخبر فرعون المذكور المنجمون بظهور موسى عليه السلام، وزوال ملكه على يده، فأخذ في قتل الأطفال حتى قتل تسعين ألف ألف طفل، وسلمّ الله تعالى نبيه موسى عليه السلام منه بأن التقطته زوج فرعون آسية، وحمته منه، وتزعم اليهود أنَّ التي التقطت موسى هي بنت فرعون لا زوجته، والأصح أنها زوجته، حسبما نطق به القرآن العظيم، ولما كان منه ومن موسى ما تقدّم ذكره من أظهار الآيات لفرعون، وهي العصا ويده البيضاء والجراد والقمل والضفادع وصيرورة الماء دماً وغير ذلك، سلمّ فرعون بني إِسرائيل إِلى موسى عليه السلام، ولما أخذهم موسى وسار بهم ندم فرعون على ذلك، وركب بعساكره وتبعهم فلحقهم عند بحر القلزم، وأوحى الله تعالى إِلى موسى عليه السلام، فضرب البحر بعصاه فصار فيه اثنا عشر طريقاً لكل سبط طريق، فتبعه فرعون فغرق هو وجنوده وكان هلاك فرعون المذكور بعد مضي ثمانين سنة من عمر موسى عليه السلام، وكان قد تملك من قبل ولادة موسى، ولذلك أمر بقتل الأطفال في أيام ولادة موسى عليه السلام فمدة ملك فرعون المذكور تزيد على ثمانين سنة قطعاً.

ولما هلك فرعون المذكور ملكت القبط بعده دلوكة المشهورة بالعجوز، وهي من بنات ملوك القبط، وكان السحر قد انتهى إِليها وطال عمرها حتى عرفت بالعجوز وصنعت على أرض مصر من أول أرضها في حد أسوان إِلى آخرها سوراً متصلاً إِلى هنا انتهى كلام ابن سعيد المغربي ولم يذكر من تولى بعد دلوكة.

ثم إِني وجدت في أوراق قد نقلت من تاريخ ابن حنون الطبري، وهو تاريخ ذكر فيه ملوك مصر في قديم الزمان قال: ثم ملك مصر بعد دلوكة صبي من أبناء أكابر القبط، كان يقال له دركون بن بكتوس، ثم ملك بعده توذس، ثم ملك بعده أخوه لقاش، ثم ملك بعده أخوه مرينا، ثم ملك بعده أستماذس، ثم ملك بعده يلطوس بن ميكاكيل، ثم ملك بعده مالوس ثم ملك بعده مناكيل ثم ملك بعده يولة وهو الذي غزا رحبعم بن سليمان بن داود عليهما السلام، وقد ذكر في كتب اليهود أن فرعون الذي غزا بني إِسرائيل على أيام رحبعم كان اسمه شيشاق وهو الأصح، ثم لم يشتهر بعد شيشاق المذكور، غير فرعون الأعرج، وهو الذي غزاه بخت نصر وصلبه، وكان بين رحبعم بن سليمان عليه السلام وبخت نصر فوق أربعمائة سنة، وكان شيشاق على أيام رحبعم، فشيشاق قبل فرعون الأعرج بأكثر من أربعمائة سنة، ولم يقع لي أسماء الفراعنة الذين كانوا في هذه المدة، عني فيما بين شيشاق وفرعون الأعرج.

ولما قتل بخت نصر فرعون المذكور وغزا مصر وأباد أهلها، بقيت مصر أربعين سنة خراباً.

ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>