الخوارزمية، ثم سار إلى قريب إربل، فصالحه صاحبها مظفر الدين ودخل في طاعته، ثم سار جلال الدين إلى أذربيجان وكرسي مملكتها تبريز، فاستولى على تبريز، وهرب صاحب أذربيجان، وهو مظفر الدين أزبك بن البهلوان بن الدكز، وكان أزبك المذكور قد قوي أمره لما قتل طغريل آخر الملوك السلجوقية ببلاد العجم، فاستقل أزبك المذكور في المملكة، وكان أزبك المذكور لا يزال مشغولاً بشرب الخمر، وليس له التفات إلى تدبير المملكة، فلما استولى جلال الدين على تبريز، هرب أزبك إلى كنجة، وهي من بلاد آران، قرب بردعة، ومتاخمة لبلاد الكرج، واستقل السلطان جلال الدين بملك أذربيجان، وكثرت عساكره واستفحل أمره، ثم جرى بين جلال الدين وبين الكرج قتال شديد، انهزم فيه الكرج، وتبعهم الخوارزمية يقتلونهم كيف شاؤوا، واتفق أنه ثبت على قاضي تبريز وقوع الطلاق من أزبك بن البهلوان بن الدكز، على زوجته بنت السلطان طغريل آخر الملوك السلجوقية، المقدم ذكره، فتزوج جلال الدين ببنت طغريل المذكور، وأرسل جيشاً إلى مدينة كنجة ففتحوها، فهرب مظفر الدين أزبك بن محمد البهلوان من كنجة إلى قلعة هناك، ثم هلك وتلاشى أمره.
ذكر وفاة الملك الأفضل نور الدين علي ابن السلطان صلاح الدين يوسف في هذه السنة توفي الملك الأفضل المذكور، وليس بيده غير سميساط فقط، وكان موته فجأة، وعمره سبع وخمسون سنة، وكان الملك الأفضل فاضلاً حسن السيرة، وتجمع فيه الفضائل والأخلاق الحسنة، وكان مع ذلك قليل الحظ، وله الأشعار الحسنة، فمنها يعرض إلى سوء حظه قوله:
يا من يسود شعره بخضابه ... لعساه من أهل الشبيبة يحصل
ها فاختضب بسواد حظي مرة ... ولك الأمان بأنه لا ينصل
ولما أخذت منه دمشق، كتب إلى بعض أصحابه كتاباً منه: أما أصحابنا لدمشق فلا علم لي بأحد منهم. وسبب ذلك:
أي صديق سألت عنه ففي ... الذل وتحت الخمول في الوطن
وأي ضد سألت حالته ... سمعت ما لا تحبه أذني
ذكر وفاة الإمام الناصر وفي أول شوال من هذه السنة، توفي الخليفة الناصر لدين الله، وكانت مدة خلافته نحو سبع وأربعين سنة، وعمي في آخر عمره، وكان موته بالدوسنطاريا، وهو الإمام الناصر لدين الله، أبو العباس أحمد، بن المستضيء حسن بن المستنجد يوسف بن المقتفي محمد بن