للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالكاً لحصن كيفا إلى أيام التتر، وطالت مدته بها.

ذكر ما كان من الملك الجواد يونس

في هذه السنة كان هلاك الملك الجواد يونس بن مودود ابن الملك العادل، وصورة ما جرى له أنه كان قد استولى بعد ملك دمشق على سنجار وعانة، فباع عانة من الخليفة المستنصر بمال تسلمه منه، وسار لؤلؤ صاحب الموصل وحاصر سنجار ويونس المذكور غائب عنها، واستولى عليها، ولم يبق بيد يونس من البلاد شيء فصار على البرية إلى غزة، وأرسل إلى الملك الصالح أيوب صاحب مصر يسأله في المسير إليه، فلم يجبه إلى ذلك، فسار يونس حينئذ ودخل إلى عكا وأقام مع الفرنج، فأرسل الصالح إسماعيل صاحب دمشق حينئذ وبذل مالاً للفرنج، وتسلم الملك لجواد يونس المذكور من الفرنج واعتقله ثم خنقه.

وفي هذه السنة ولى الملك الصالح أيوب، الشيخ عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام القضاء بمصر، والوجه القبلي، وكان عز الدين المذكور بدمشق، فلما قوي خوف الصالح إسماعيل صاحب دمشق من ابن أخيه الصالح أيوب صاحب مصر، سلم الصالح إسماعيل صفد والشقيف إلى الفرنج ليعضدوه، ويكونوا معه على ابن أخيه الصالح أيوب، فعظم ذلك على المسلمين، وأكثر الشيخ عز الدين بن عبد السلام التشنيع على الصالح إسماعيل بسبب ذلك، وكذلك جمال الدين أبو عمرو ابن الحاجب، ثم خافا من الصالح إسماعيل فسار عز الدين بن عبد السلام إلى مصر وتولى بها القضاء كرهاً، وسار جمال الدين أبو عمرو بن الحاجب إلى الكرك، وأقام عند الملك الناصر داود صاحب الكرك، ونظم له مقدمته الكافية في النحو، ثم بعد ذلك سافر ابن الحاجب إلى الديار المصرية.

ثم دخلت سنة تسع وثلاثين وستمائة والصالح إسماعيل صاحب دمشق، والمنصور إبراهيم بن شيركوه صاحب حمص، وصاحب حلب، متفقون على عداوة الملك الصالح أيوب، صاحب مصر، ولم يوافقهم صاحب حماة على ذلك، وأخلص في الانتماء إلى صاحب مصر.

وفي هذه السنة اتقعت الخوارزمية مع الملك المظفر غازي صاحب ميافارقين ابن الملك العادل.

وفيها في شعبان أصاب جد الملك المظفر صاحب حماة الفالج وهو جالس بين أصحابه في قلعة حماة، وبقي أياماً لا يتكلم ولا يتحرك، وكان ذلك في أواخر فصل الشتاء، وأرجف الناس بموته، وقام بتدبير المملكة مملوكه وأستاذ داره سيف الدين طغريل، ثم خف مرض الملك المظفر وفتح عينيه وصار يتكلم باللفظة واللفظتين، لا يكاد يفهم، وكان العاطب، الجانب الأيمن منه، وبعث إليه الصالح صاحب مصر طبيباً حاذقاً نصرانياً، يقال له النفيس بن طليب، فلم تنجع فيه المداواة، واستمر على ذلك إلى أن توفي بعد سنتين وكسر على ما سنذكر إن شاء الله تعالى.

وفي هذه السنة في ذي الحجة توفي الملك الحافظ نور الدين أرسلان شاه ابن الملك العادل بن أيوب بإعزاز

<<  <  ج: ص:  >  >>