الدين ابن الشيخ، واجتمع إليه من بالشام من عسكر مصر والخوارزمية، وساروا إلى دمشق وحاصروها، وبها صاحبها الملك الصالح إسماعيل، وإبراهيم بن شيركوه صاحب حمص، وخرجت هذه السنة وهم محاصروها.
ذكر وفاة صاحب حماة في هذه السنة توفي جد الملك المظفر صاحب حماة، تقي الدين محسن ابن الملك المنصور ناصر الدين محمد ابن الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه ابن أيوب، يوم السبت ثامن جمادى الأولى من هذه السنة، أعني سنة اثنتين وأربعين وستمائة، وكانت مدة مملكته لحماة خمس عشرة سنة وسبعة أشهر وعشرة أيام، كان منها مريضاً بالفالج سنتين وتسعة أشهر وأياماً، وكانت وفاته وهو مفلوج بحمى حادة عرضت له وكان عمره ثلاثاً وأربعين سنة، لأن مولده سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وكان شهماً شجاعاً فطناً ذكياً، وكان يحب أهل الفضائل والعلوم، واستخدم الشيخ علم الدين قيصر، المعروف بتعاسيف، وكان مهندساً فاضلاً في العلوم الرياضية، فبنى للملك المظفر المذكور أبراجاً بحماة، وطاحوناً على نهر العاصي، وعمل له كرة من الخشب مدهونة، رسم فيها جميع، الكواكب المرصودة، وعملت هذه الكرة بحماة.
قال القاضي جمال الدين بن واصل: وساعدت الشيخ علم الدين على عملها، وكان الملك المظفر يحضر ونحن نرسمها، ويسألنا عن مواضع دقيقة فيها.
ولما مات الملك المظفر صاحب حماة، ملك بعده ولده الملك المنصور محمد ابن الملك المظفر محمود المذكور، وعمره حينئذ عشر سنين وشهر واحد وثلاثة عشر يوماً، والقائم بتدبير المملكة، سيف الدين طغريل مملوك الملك المظفر، ومشاركة الشيخ شرف الدين عبد العزيز بن محمد، المعروف بشيخ الشيوخ، والطواشي مرشد والوزير بهاء الدين بن التاج، ومرجع الجميع إلى والدة الملك المنصور، غازية خاتون، بنت الملك الكامل.
وفيها بلغ الملك الصالح نجم الدين أيوب وفاة ابنه الملك المغيث، فتح الدين عمر، في حبس الصالح إسماعيل صاحب دمشق، فاشتد حزن الصالح أيوب عليه، وحنقه على الصالح إسماعيل.
وفي هذه السنة توفي الملك المظفر شهاب الدين غازي ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب صاحب ميافارقين، واستمر بعده في ملكه ولده الملك الكامل ناصر الدين محمد بن غازي.
وفيها سير من حماة الشيخ تاج الدين أحمد بن محمد بن نصر الله، المعروف بيته ببني المغيرك، رسولاً إلى الخليفة ببغداد، وصحبته تقدمة من السلطان الملك المنصور صاحب حماة.
وفيها توفي القاضي شهاب الدين إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم بن علي بن محمد الشافعي عرف بابن أبي الدم، قاضي حماة، وكان قد توجه في الرسلية إلى بغداد، فمرض في المعرة، وعاد إلى حماة مريضاً فتوفي بها، وهو الذي ألف التاريخ الكبير المظفري وغيره.