وستمائة، واستولى على اليمن بعده ولده عمر بن علي لمذكور، على ما كان عليه أبوه من النيابة، فأرسل من مصر أعمامه ليعزلوه ويكونوا نواباً موضعه، فلما وصلوا إلى اليمن، قبض عمر المذكور عليهم واعتقلهم، واستقل عمر المذكور بملك اليمن يومئذ، وتلقب بالملك المنصور، واستكثر من المماليك الترك، فقتلوه في هذه السنة أعني سنة ثمان وأربعين وستمائة.
واستقر بعده في ملك اليمن ابنه يوسف بن عمر، وتلقب بالملك المظفر، وصفا له ملك اليمن، وطالت أيام مملكته على ما سنعلمه إن شاء الله تعالى.
ثم دخلت سنة تسع وأربعين وستمائة.
فيها توفي الصاحب محي الدين بن مطروح، وكان متقدماً عند الملك الصالح أيوب، كان يتولى له لما كان الصالح بالشرق ينظر الجيش، ثم استعمله على دمشق، ثم عزله وولى ابن يغمور، وكان ابن مطروح المذكور فاضلاً في النثر والنظم، فمن شعره: عانقته فسكرت من طيب الشذا غصن رطيب بالنسيم قد اغتذا
نشوان ما شرب المدام وإنما ... أضحى بخمر رضابه متنبذا
جاء العذول يلومني من بعدما ... أخذ الغرام علي فيه مأخذا
لا أرعوي لا أنثني لا أنتهي ... عن حبه فليهذ فيه من هذى
إن عشت عشت على الغرام وإن أمت ... وجداً به وصبابة يا حبذا
وفيها جهز الملك الناصر يوسف صاحب الشام عسكراً إلى غزة، وخرج المصريون إلى السائح، وأقاموا كذلك حتى خرجت هذه السنة.
وفيها توفي علم الدين قيصر بن أبي القاسم بن عبد الغني بن مسافر، الفقيه الحنفي المقرئ المعروف بتعاسيف، وكان إماماً في العلوم الرياضية، اشتغل بالديار المصرية والشام، ثم سار إلى الموصل، وقرأ على الشيخ كمال الدين موسى بن يونس علم الموسيقى، ثم عاد إلى الشام وتوفي بدمشق في شهر رجب من السنة المذكورة، ومولده سنة أربع وسبعين وخمسمائة بأصفون، من شرقي صعيد مصر.
ثم دخلت سنة خمسين وستمائة ولم يقع لنا فيها ما يصلح أن يؤرخ.
ثم دخلت سنة إحدى وخمسين وستمائة فيها استقر الصلح بين الملك الناصر يوسف صاحب الشام، وبين البحرية بمصر، على أن يكون للمصريين إلى نهر الأردن، وللملك الناصر ما وراء ذلك، وكان نجم الدين البادراي رسول الخليفة، هو الذي حضر من جهة الخليفة، وأصلح بينهم على ذلك، ورجع كل منهم إلى مقره.
وفيها قطع أيبك التركماني خبر حسام الدين بن أبي علي الهذباني، فطلب دستوراً، فأعطيه، وسار إلى الشام، فاستخدمه الملك الناصر يوسف بدمشق.
ذكر أحوال الناصر صاحب الكرك
وفيها أفرج الملك الناصر يوسف، عن الملك الناصر داود ابن المعظم، الذي كان صاحب