الملك المؤيد داود المذكور وسار إلى عدن واستولى عليها، فأرسل أخوه الملك الأشرف عسكراً واقتتلوا مع الملك المؤيد داود المذكور، فانتصروا عليه وأخذوه أسيراً وأحضروه إلى الملك الأشرف، فقيده واعتقله، وكان عمر الملك الأشرف لما تملك نحو سبعين سنة، وأقام في الملك عشرين شهراً، وتوفي والملك المؤيد داود في الاعتقال مقيداً، فاتفق كبراء الدولة في ذلك الوقت، وأخرجوه من الحبس، وملكوا الملك المؤيد داود بن يوسف المذكور، واستمر مالكاً لليمن إلى يومنا هذا، وهو سنة ثمان عشرة وسبعمائة.
ذكر غير ذلك من الحوادث: في هذه السنة أرسل الملك العادل زين الدين كتبغا، وقبض على خشداشه عز الدين أيبك الخزندار، وعزله عن الحصون والسواحل بالشام، ثم أفرج عنه واستناب موضعه عز الدين أيبك الموصلي.
وفيها قصر النيل تقصيراً عظيماً، وتبعه غلاء، وأعقبه وباء وفناء عظيم.
وفيها في أوائل هذه السنة، لما جلس في السلطنة زين الدين كتبغا، أفرج عن مهنا بن عيسى وإخوته، وأعادهم إلى منزلتهم.
ثم دخلت سنة خمس وتسعين وستمائة. في هذه السنة قدم من التتر نحو عشرة آلاف إنسان وافد ين إلى الإسلام، خوفاً من قازان، وكان مقدمهم يقال له طرغيه، من أكبر أمراء المغل، كان مزوجاً ببنت منكوتمر بن هولاكو، الذي انكسر جيشه على حمص، ويقال لهذه الطائفة الوافدين العويراتية، وكان سبب قدومهم أن مقدمهم طرغية، هو الذي اتفق مع بيدو على قتل كيختو بن أبغا، فلما ملك قازان، قصد الإمساك على طرغيه وقتله، أخذا بثأر عمه كيختو، فهرب طرغيه وجماعته المذكورون بسبب ذلك، ولما قدموا إلى الإسلام، أرسل الملك العادل كتبغا أميراً لمقالهم، وأكرمهم وأنزلهم بالساحل قريب قاقون، وأدر عليهم الأرزاق، وأحضر كبراءهم عنده إلى الديار المصرية، وأعطاهم الإقطاعات الجليلة، وواصلهم بالخلع، وقدمهم على غيرهم.
وفيها في شوال، خرج الملك العادل كتبغا من الديار المصرية وسار إلى الشام، ووصل إلى دمشق، وحضر إليه بدمشق الملك المظفر محمود صاحب حماة، حماة ثم سار الملك العادل من دمشق إلى جهة حمص، وسار على البرية متصيداً، ووصل إلى حمص، وقدم إلى جوسية، وهي قرية على درب بعلبك من حمص، وكانت خراباً، فاشتراها وعمرها، فوصل إليها ورآها، ثم عاد إلى، دمشق وأعطى صاحب حماة الدستور، فعاد إلى بلده، ولما استقر العادل بدمشق، عزل عز الدين أيبك الحموي عن نيابة السلطنة بالشام، وولى موضعه، سيف الدين غرلو مملوك الملك العادل كتبغا المذكور، وخرجت هذه السنة والملك العادل بدمشق.