للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليلة الجمعة حادي عشر ربيع الآخر، في أوائل الليل، فقتلوه وهو يلعب بالشطرنج، وأول من ضربه شخص منهم يقال له سيف الدين كرجي، بالسيف، وضربه الباقون بعده، حتى قتلوا لاجين المذكور، وطلعوا ليقتلوا مملوكه ونائبه منكوتمر، فاستجار بسيف الدين طغجي الأشرفي، وكان طغجي مقدم هؤلاء المماليك الذين قتلوا لاجين، فأجاره طغجي وبعث بمنكوتمر المذكور إلى الجب، فحبسه فيه، ثم بعد استقراره في الجب توجه كرجي ومعه جماعة فأخرجوا منكوتمر وذبحوه على رأس الجب، ولما أصبح الصباح عن ذلك، جلس طغجي في موضع النيابة وأمر ونهى، وهنالك جماعه من الأمراء أكبر منه، مثل الحسام أستاذ الدار، وسلار وبيبرس الجاشنكير، وغيرهم، فاتفقت آراؤهم على الوقيعة بطغجي، وإعادة الملك إلى مولانا السلطان الملك الناصر المقيم بالكرك، واتفق بعد ذلك وصول بعض العسكر المجردين على حلب، فوصل أمير سلاح، وغيره، وأشار الأمراء المذكورون على طغجي بالركوب، وتلقى أمير سلاح، فامتنع، وعاودوه فأجاب، وركب طغجي من قلعة الجبل، وجعل نائبه بها كرجي الذي قتل لاجين، فعندما اجتمعت الأمراء بالأمير سلاح، تحدثوا فيما فعله الصبيان من قتل السلطان، وأنكرت الأمراء وقوع مثل ذلك، وقالوا إن طغجي هو الذي فعل ذلك، فحطوا عليه بالسيوف، وهرب منهم، فأدركوه وقتلوه، وقصدوا كرجي بقلعة الجبل فهرب، واتبعوه فقتلوه أيضاً. وذلك في ربيع الآخر من هذه السنة، وكانت مدة مملكة حسام الدين لاجين، الملقب بالملك المنصور المذكور، سنتين وثلاثة أشهر. عودة مولانا السلطان الملك الناصر إلى سلطنته

وفي هذه السنة عاد مولانا السلطان الملك الناصر ناصر الدنيا والدين محمد ابن مولانا السلطان الملك المنصور سيف الدنيا والدين قلاوون إلى مملكته. فانه لما جرى ما ذكرناه من قتل لاجين، ثم قتل طغجي، اتفقت الأمراء على إعادة مولانا السلطان الملك الناصر إلى مملكته، فتوجه سيف الدين ابن الملك وعلم الدين الجاولي إلى الكرك، وأحضراه إلى الديار المصرية، فصعد إلى قلعة الجبل، واستقر على سرير ملكه في يوم السبت، رابع عشر جمادى الأولى من هذه السنة، أعني سنة ثمان وتسعين وستمائة، وهي سلطنته الثانية.

فلما استقر السلطان الملك الناصر بالقلعة، اتفق معه الأمراء على أن يكون سيف الدين سلار، نائب السلطنة، ويكون بيبرس الجاشنكير أستاذ الدار، وأن يكون بكتمر الجوكندار أمير جاندار. فلما استقر ذلك، فوض نيابة السلطنة بالشام إلى جمال الدين أقوش الأفرم، وأفرجوا عن شمس الدين قراسنقر من الاعتقال، وكان له فيه نحو سنة وشهرين، ثم بعثوا به إلى الصبيبة وكتب تقليد الملك المظفر محمود صاحب حماة ببلاده على عادته، وبعث به إليه في جمادى الأولى من هذه السنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>