وأعطاه السيف، وألبسه الخلعة، ولما لم يبق لي شغل، تصدق السلطان وأفاض علي وعلى أصحابي الخلع، وشرفني بمركوب بسرجه ولجامه، ثم تصدق علي بثلاثين ألف درهم، وخمسين قطعة من القماش، ورسم أن يكتب لي التقليد بمملكة حماة، والمعرة، وبارين، تمليكاً ولولا خوف التطويل، لأوردنا التقليد عن آخره. لكنا نذكر منه فصولاً يحصل بها الغرض، طلباً للاختصار.
فمنه: بعد البسملة، الحمد لله الذي عضد الملك الشريف بعماده، وأورث الجد السعيد سعادة أجداده، وبلغ ولينا من تباهى ببابه، ملوك بني الأيام غاية مراده، ومنه: فأصبح جامع شملها، ورافع لواء فضلها، وناشر جناح عدلها.
ومنه: يحمد على أنه صان بنا الملك وحماه، وكف بكف بأسنا المتطاول على استباحة حماه.
ومنه: ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. أما بعد: فإن أولى من عقد له لواء الولاء، وتشرفت باسمه أسرة الملوك وذوي المنابر، وتصرفت أحكامه في ما يشاء من نواه وأوامر، وتجلى في سماء السلطنة شمسه، فقام في دستها مقام من سلف، وأخلف في أيامنا الزاهرة درج من أسلافه، إذ هو ببقائنا إن شاء الله خير خلف، من ورث السلطنة لا عن كلالة، واستحقهما بالأصالة والإثالة والجلالة، وأشرقت الأيام بغرة وجهه المنير، وتشرفت به صدور المحافل، وتشوق إليه بطن السرير، ومن أصبح لسماء المملكة الحموية، وهو زين أملاكها، ومطلع أفلاكها، وهو المقام العالي العمادي ابن الملك الأفضل، نور الدين علي، ابن السلطان الملك المظفر، تقي الدين ولد السلطان الملك المنصور، ولد السلطان الملك المظفر تقي الدين أعطاها شاهنشاه بن أيوب وهو الذي ما برحت عيوق مملكته إليه متشوفة، ولسان الحال يتلو ضمن الغيب، قل اللهم مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء، إلى أن أظهر الله ما في غيبه المكنون، وأنجز له في أيامنا الوعود، وصدق الظنون، وشيد الله منه الملك بأرفع عماد، ووصل ملكه بملك أسلافه، وسيبقى في عقبه إن شاء الله إلى يوم التناد، فلذلك رسم بالأمر الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الناصري الباهري، لا زالت المماليك مغمورة من عطائه، والملوك تسري من ظل كنفه، تحت مسبول غطائه، أن يستقر في يد المقام العالي العمادي المشار إليه، جميع المملكة الحموية، وبلادها، وأعمالها، وما هو منسوب إليها، ومباشرها التي يعرضها قلمه وقسمه، ومنابرها التي يذكر فيها اسم الله تعالى واسمه، وكثيرها وقليلها، وحقيرها وجليلها، على عادة الشهيد الملك المظفر تقي الدين محمود، إلى حين وفاته.
ومنه: وقلدناه ذلك تقليداً، يضمن للنعمة تخليداً، وللسعادة تجديداً.
ومنه: في آخره والله تعالى يؤهل بالنصر مغناه، ويجمل ببقائه صورة دهر هو معناه، والاعتماد على الخط الشريف أعلاه. وكتب في الخامس والعشرين من ربيع الآخر سنة اثنتى عشرة وسبعمائة، حسب المرسوم الشريف، والحمد لله وحده، وصلواته على محمد وآله وصحبه