برجاً وبعض التنأتين اللتين على يمين البرج وشماله، وسار بالبرج صحيحاً يخرب بالبلد، ويخرب ما يمر به من الدور مسافة بعيدة، قيل إنها خمسمائة ذراع، ودخل السيل الجامع وغرق به جماعة، ورمى المنبر وخرب بعض حيطان الجامع، وبلغ السيل إلى رؤوس العمد، وكذلك دخل السيل المذكور الحمامات، وغرق فيها جماعة، وذهب للناس بذلك أموال عظيمة، وخرب دوراً كثيرة، وأسواقاً وغرق عدة كثيرة من الرجال والنساء والأطفال، وأتلف كتب الحديث والمصاحف وكانت مضرته عظيمة.
وفيها في ربيع الآخر، كانت الإغارة على آمد وسبب ذلك أن نائب السلطنة بحلب، جهز عدة كثيرة من عسكر حلب، وغيرهم من التراكمين والعربان والطماعة، ومدم عليهم شخصاً تركمانياً من أمراء حلب يقال ابن جاجا، وكان عدة المجتمعين المذكورين ما يزيد على عشرة آلاف فارس، فساروا إلى آمد وبغتوها ودخلوها ونهبوا أهلها المسلمين والنصارى، ثم بعد ذلك أمر بإطلاق من كان مسلماً، فأطلقوا بعد أن ذهبت أموالهم، وبالغ المجتمعون المذكورون في النهب، حتى نهبوا الجامع، وأخذوا بسطه وقناديله، وفعلوا بالمسلمين كل فعل قبيح، وعادوا سالمين وقد امتلأت أيديهم من الكسوبات الحرام التي لا تحل ولا تجوز شرعاً، وخلت آمد من أهلها، وصارت كأنها لم تغن بالأمس.
وفيها في الثاني والعشرين من ربيع الآخر وصلني من صدقات السلطان حصان برقي بسرجه ولجامه، صحبة موسى أحد أمراء خورية، فوصلته بالخلع والدراهم وقابلت الصدقات بمزيد الدعاء.
وفيها خرج السلطان الملك الناصر خلد الله ملكه من الديار المصرية في رابع جمادى الأولى، الموافق لرابع عشر تموز إلى حسبان من البلقاء، ووصل إليها في سادس عشر جمادى الأولى، ووصل إليه في حسبان المقر السيفي تنكز نائب السلطنة بالشام، ووصل إليه صحبته جماعة من الأمراء، وكنت طلبت دستوراً بالحضور؛ فرسم بتجهيز خيل التقدمة ومقامي بحماة، فجهزتها وأقمت وقدمت خيلي؛ يوم نزوله على حسبان يوم الثلاثاء سادس عشر جمادى الأولى، وكنت قد جهزتها صحبة طيدمر الدوادار، فقبلت وتصدق السلطان وأرسل إلى صحبة طيدمر تشريفاً كاملاً على جاري العادة من الأطلس الأحمر والأصفر والكلوته الزركش والطرز الزركش بالذهب المصري، وكذلك تصدق بثلاثين ألف درهم وخمسين قطعة وقماش، وركبت بالتشريف المذكور الموكب بحماة نهار الإثنين سادس جمادى الثانية من هذه السنة، أعني سنة سبع عشرة وسبعمائة، ثم عاد السلطان إلى الديار المصرية من الشوبك ولم يصل في خرجته هذه إلى دمشق، بل رجع من بلاد البلقاء.
فيها وصل مثال السلطان بالبشارة بالنيل وأن الخليج كسر في رابع جمادى الأولى وسلخ أبيب، قبل دخول مسرى، وهذا مما لا يعهد، فإنه تقدم عن عادته شهراً.