فوه، وسرنا منها في الخليج الناصري، ووصلت الإسكندرية في بكرة يوم الأربعاء الخامس والعشرين من جمادى الآخرة، ووصلني بها من صدقات السلطان مائة قطعة قماش من عمل إسكندرية، وأقمت بها حتى صليت الجمعة، وخرجت من إسكندرية وركبت الخيل وبت في تروجة، ووصلت إلى الكبش بكرة الاثنين الثلاثين من جمادى الآخرة وأقمت به، وكسر الخليج بحضوري في يوم الأربعاء ثاني رجب، الموافق للثلاثين من آب وأول يوم من توت، من شهور القبط.
ثم شملتني الصدقات السلطانية بزيادة عدة قرايا من بلد المعرة، على ما هو مستقر بيدي، وأفاض علي وعلى من هو في صحبتي بالتشاريف، وأمرني بالعود إلى بلدي، فخرجت من بين يديه من الميدان، في نهار السبت ثاني عشر رجب من هذه السنة، الموافق لثامن من أيلول، ووصلت إلي حماة نهار الخميس مستهل شعبان الموافق للثامن والعشرين من أيلول، واستقريت فيها.
وفي هذه السنة أعني سنة ثمان عشرة، عند توجه الحاج من مصر، أرسل السلطان الأمير بدر الدين ابن التركماني، وكان المذكور مشد الدواوين بديار مصر، فأرسله السلطان مع الحجاج إلى مكة بعسكر، وسار المذكور حتى وصل ووقف الوقفة، وفي أيام التشريف، أرسل رميثة صاحب مكة حسبما أمر به مولانا السلطان، بحكم تقصيره ومواطاته في الباطن لأخيه حميضة، وأرسله معتقلاً إلى ديار مصر، واستقر بدر الدين ابن التركماني المذكور نائباً وحاكما في مكة، ولما دخلت سنة تسع عشرة وسبعمائة، أرسل السلطان عطيفة، وهو من إخوة حميضة، وكان عطيفة المذكور مقيماً بمصر، فأرسله السلطان ليقيم بها مع بدر الدين ابن التركماني المذكور. وفي أواخر هذه السنة، أعني سنة ثماني عشرة وسبعمائة حالفت عقيل عرب الإحساء والقطيف، على مهنا بن عيسى وطردوا أخاه فضلاً عن البصرة، فجمع مهنا العرب وقصد عقيل، والتقى الجمعان وافترقا على غير قتال ولا طيبة، بعد أن أخذت عقيل أباعر كثيرة تزيد على عشرة آلاف من عرب مهنا المذكور، وعاد كل من الجمعين إلى أماكنهما، وكانت هذه البرية وغالب بلاد الإسلام مجدبة لقلة الأمطار، وهلك العرب، وضرب دواب تفوت الحصر.
وفيها قريباً من منتصف هذه السنة، خرج اللحياني، وهو أبو زكريا يحيى الحفصي من ملك تونس، وكان اللحياني المذكور قد ملك إفريقية، حسبما سقنا وقدمنا ذكره مع جملة الحفصيين في سنة اثنتين وخمسين وستمائة، فلما كانت هذه السنة، جمع أخو خالد الذي مات في حبس اللحياني، فقصد اللحياني فهرب منه إلى طرابلس وتملك أخو خالد تونس، ولم يقع لي اسم أخي خالد المذكور. وكان للحياني ولد شهم، وكان اللحياني المذكور يخاف منه، فاعتقل ولده المذكور. فلما استولى أخو خالد المذكور على تونس، وطرد اللحياني عن المملكة، أخرج اللحياني ولده من الاعتقال، وجمع إليه الجموع؛ والتقى مع أخي خالد، فانتصر أخو خالد وقتل ابن اللحياني، واستقر اللحياني بطرابلس