بدمشق، وماتت الشيخة المسندة الجليلة أم محمد أسماء بنت محمد بن صصري، أخت قاضي القضاة، نجم الدين، سمعت وحدثت وكانت مباركة، كثيرة البر، وججت مرات، وكانت تتلو في المصحف وتتعبد قلت:
كذلك فلتكن أخت ابن صصرى ... تفوق على النساء صبي وشيبا
طراز القوم أنثى مثل هذي ... وما التأنيث لاسم الشمس عيبا
ومات أيضاً بد مشق، عز الدين إبراهيم بن القواس بالعقيبة، ووقف داره مدرسة، وأمسك حاجب مصر سيف الدين إلماس، وأخوه قره تمر، ووجد لهما مال عظيم. ثم دخلت سنة أربع وثلاثين وسبعمائة.
في أول المحرم منها، أفرج عن الأمير بدر الدين القرماني، والأمير سيف الدين إسلام، وأخيه وخلع عليهم، وتوفي بالقدس خطيبه وقاضيه، الشيخ عماد الدين عمر النابلسي.
وفيها في صفر، مات قاضي القضاة جمال الدين أبو الربيع سليمان الأذرعي الشافعي، ويكنى أبا داود، أيضاً بالسكتة، ولي القضاء بمصر، ثم بالشام مدة، وكان عليه سكينة ووقار.
وأحضر ناصر الدين الدواتدار إلى مخدومه سيف الدين تنز، فضرب وأهين، وكمل عليه مال يقوم به.
وحصلت صقعة أتلفت الكروم والخضراوات بغوطة دمشق، ومات الأمير سيف الدين صلعنة الناصري، وكان ديناً يبدأ الناس بالسلام في الطرقات.
ومات بطرابلس نائبها الأمير رحمه الله تعالى.
ومات بحماه قاضي القضاة، نجم الدين أبو القاسم عمر بن الصاحب كمال الدين العقيلي الحنفي، المعروف بابن العديم، وكان له فنون وأدب، وخط وشعر، ومروءة غزيرة وعصبية، لم تحفظ عليه أنه شتم أحداً مدة ولايته، ولا خيب قاصده. قلت:
قد كان نجم الدين شمساً أشرقت ... بحماة للداني بها والقاضي
عدمت ضياء ابن العديم فأنشدت ... مات المطيع فيا هلاك العاصي
وفيها في ربيع الأول، توفي الأمير سيف الدين طرنا الناصري، أمير مائة، مقدم ألف، بدمشق.
ومات جمال الدين فرج بن شمس الدين قره سنقر المنصوري.
ورسم تنكز نائب السلطنة بعمارة باب توما وإصلاحه، فغمر عمارة حسنة ورفع نحو عشرة أذرع، ووسع وجدد بابه.
وفيها في ربيع الآخر، وصل جمال الدين أقوش نائب الكرك إلى طرابلس نائباً بها، عوضا عن قرطاي. رحمه الله تعالى، ووصل سيل إلى ظاهر دمشق، وهدم بعض المساكن، وخاف الناس منه، ثم نقص في يومه، ولطف الله تعالى.
وتوفيت أم الخير خديجة، المدعوة ضوء الصباح، وكانت تكتب بخطها في الإجازات ودفنت بالقرافة.
وفيها في جمادى الأولى، توفي الفاضل بدر الدين محمد بن شرف الدين أبي بكر الحموي المعروف بابن السمين، بحماة، وكان أبوه من فصحاء القراء رحمهما الله تعالى.
وفيها في جمادى الآخرة، توفي بحلب، شرف الدين أبو طالب عبد الرحمن ابن القاضي عماد الدين بن العجمي، سمع الشمائل على والده، وحدث وأقام مع والده بمكة في صباه، أربع سنين، وكان شيخاً محترماً من أعيان العدول، وعنده سلامة صدر، رحمة الله تعالى.
ومات الأمير شمس الدين محمد بن الصيمري بن واقف المارستان بالصالحية.
وفيها في رجب، وصل كتاب من المدينة النبوية، يذكر فيه أن وادي العقيق سال من صفر وإلى الآن، ودخل السيل قبة حمزة رضي الله عنه، وبقي الناس عشرين يوماً ما يصلون إلى القبة، وأخذ نخلاً كثيراً وخرب أماكن.
ومات الأمير عز الدين نقيب العساكر المصرية، ودفن بالقرافة.
ومات الأمين ناصر الدين بن سويد التكريتي، سمع على جماعة من أصحاب ابن طبرزد، وحدث وكان له بر وصدقات، وحج مرات، وجاور بمكة، ومات الشيخ العالم الرباني الزاهد، بقية السلف، نجم الدين اللخمي القبابي الحنبلي بحماة، وكانت جنازته عظيمة، وحمل على الرؤوس. سمع مسند الدارمي، وحدث وكان فاضلاً فقيهاً فرضياً جليل القدر، وفضائله وتقلله من الدنيا، وزهده معروف، نفعنا الله ببركته، والقباب المنسوب إليها قرية من قرى أشموم الرمان متصلة بثغر دمياط.
قلت وقدم مرة إلى الفوعة وأنا بها، فسألني عن الأكدرية إذا كان بدل الأخت خنثى، فأجبت: إنها بتقدير الأنوثة تصح من سبعة وعشرين وبتقدير الذكورة تصح من ستة. والأنوثة تضر الزوج والأم، والذكورة تضر الجد والأخت، وبين المسألتين موافقة بالثلث، فيضرب ثلث السبعة والعشرين، وهو تسعة في الستة، تبلغ أربعة وخمسين، ومنها تصح المسألتان، للزوج ثمانية عشر. وللأم اثنا عشر، وللجد تسعة، ولا يصرف إلى الخنثى شيء والموقوف خمسة عشر، وفي طريقها طول ليس هذا موضعه، فأعجب الشيخ، رحمه الله تعالى بذلك.
وفيها في شعبان مات فجأة، الإمام الحافظ أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد ابن سيد الناس اليعمري. أخذ علم الحديث عن ابن دقيق العيد، والدمياطي،