ألف درهم، وهو الذي فتح هذا الباب، ولما بلغ الطنبغا ما جرى بدمشق، رجع على عقبه، فلما قرب من دمشق، أرسل الفخري إليه القضاة، وطلب الكف عن القتال في رجب، فقويت نفس الطبنغا وأبى ذلك، وطال الأمر على العسكر، فلما تقاربوا بعضهم من بعض، لحقت ميسرة الطنبغا بالفخري، ثم الميمنة، وبقي الطنبغا والحاج أرقطاي والمرقبي وابن الأبي بكري في قليل من العسكر، فهرب الطنبغا وهؤلاء إلى جهة مصر، فجهز الفخري وأعلم الناصر بالكرك.
وخطب للناصر أحمد بدمشق وغزة والقدس، فلما وصل الطنبغا مصر، وهو قوي النفس بقوصون، قدر الله سبحانه تغير أمر قوصون، وكان قد غلب على الأمر لصغر الأشرف، فاتفق أيدغمش الناصري أمير أخور، ويلبغا الناصري وغيرهما، وقبضوا على قوصون، ونهبت دياره، واختطف الحرافيش وغيرهم من دياره، وخزائنه من الذهب والفضة والجواهر والزركش، والحشر والسروج والآلات ما لا يحصى، لأن قوصون كان قد انتقى عيون ذخائر بيت المال، واستغنى من دار قوصون خلق كثير، وقتل على ذلك خلق، وأرسلوا قوصون إلى الإسكندرية، وأهلك بها.
وقبضوا على الطنبغا وحبسوه بمصر، ولما بلغ طشتمر بالروم ما جرى، رجع من الروم إلى دمشق، فتلقاه الفخري والقضاة، ثم رحل الفخري وطشتمر إلى مصر بمن معهما.
وفيها في شهر رمضان، سافر الملك الناصر أحمد من الكرك، فوصل مصر، وعمل أعزية لوالده وأخيه، وأمر بتسمير والي قوص لقتله المنصور.
وخلع الأشرف كجك الصغير، وجلس الناصر على الكرسي، هو والخليفة، وعقد بيعته قاضي القضاة تقي الدين السبكي، ثم أعدم الطنبغا والمرقبي.
وفيها كسر حسن بن ممرتاش بن جوبان من التتر، طغاي بن سوتاي في الشرق، وتبعه إلى بلد قلعة الروم، فاستشعر الناس لذلك.
وفيها عزل الملك الأفضل محمد ابن السلطان الملك المؤيد، صاحب حماة والمعرة وبارين وبلادهن، ونقل إلى دمشق من جملة أمرائها. تغيرت سيرة الأفضل وما كان فيه من التزهد قبل عزله، وحبس التاج ابن العز طاهر بن قرناص بين حائطين حتى مات، وقطع أشجار بستانه، وظهر في الليل من بعض أعقاب أشجار البستان التي لمعت نور، فما أفلح بعد ذلك.
وتولى نيابة حماة بعده، مملوك أبيه سيف الدين طقزتمر.
وفيها عزل عن قضاء الحنفية بحماة، القاضي جمال الدين عبد الله بن القاضي نجم الدين بن العديم، وتولى مكانه القاضي تقي الدين محمود بن الحكم.
وفيها أهلك طاجار الدواتدار، وكان مسرفاً على نفسه.
وفيها توفي الأفضل صاحب حماة بدمشق، معزولاً، ونقل إلى تربته بحماة، فخرج نائبها للقاء تابوته، وحزن عليه وحلف أنه ما تولى حماة إلا رجاء أن يردها إلى الأفضل، مكافأة لإحسان أبيه.
وفيها في جمادى الأولى، توفي القاضي برهان الدين إبراهيم الرسعني، قاضي الشافعية بحلب،