للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وقول" جماعة من الشافعية: إن شعر الآدمي نجس "يرده" أحاديث الباب "وقولهم" إن ذلك خاص بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلا يقاس عليه غيره "غير مسلم" لأن الخصوصية لا تثبت إلا بدليل. والأصل عدمه. فلا يلتفت إلى ما وقع في كثير من كتب الشافعية مما يخالف القول بالطهارة، فقد استقر القول من أئمتهم على القول بها (١) (وقال) الجمهور: الآدمي المشرك طاهر أيضاً حياً وميتاً، لقوله تعالى "ولقد كرمنا بني آدم" أول آية ٧٠ - الإسراء. ومن التكريم طهارته حياً وميتاً. وأما قوله تعالى "إنما المشركون نجس" من آية ٢٨ - التوبة. فالمراد به الزجر والتنفير مما هم عليه.

(والأصل) في الأشياء الطهارة، فلا ينقل عنها إلا ناقل صحيح لم يعارضه مساو له أو أقوى "فما لم يرد" فيه يدل على نجاسته "فليس" لأحد أن يحكم بها بمجرد رأي فاسد أو غلط في الاستدلال، كما يدعيه البعض من نجاسة ما حرمه الله تعالى، زاعماً أن النجاسة والتحريم متلازمان، وهو زعم باطل، إذ تحريم الشيء لا يستلزم نجاسته، ولو كان كذلك للزم نجاسة ما دل الدليل على تحريمه، كالأنصاب والأزلام، وما يسكر من النبات والثمرات بأصل الخلقة ولم يقل بهذا أحد.

(فالواجب) على المنصف أن لا يحكم بنجاسة شيء ولا بتحريمه إلا بحجة شرعية.

(والحق) أن الأصل في الأعيان الطهارة، وأن التحريم لا يلازم النجاسة، فإن الحشيشة محرمة وهي طاهرة. وكذا المخدرات والسموم القاتلة لا دليل على نجاستها (وأما) النجاسة فيلازمها التحريم، فكل نجس محرم ولا عكس


(١) انظر ص ١٩١ ج ١ فتح الباري (الماء يغسل به شعر الإنسان).