ومذهب الشافعية والحنابلة اشتراط أربعين، منهم الإمام، وأن يكونوا مسلمين أحرارًا متوطنين ببلد الجمعة، لا يظعنون شتاءً ولا صيفًا إلاّ لحاجة، لحديث كعب بن مالك، قال:"أوّل من جمع بنا في المدينة أسعد بن زرارة، قبل مقدمه ﵊ المدينة، في نقيع الخضمات، وكنا أربعين رجلاً". رواه البيهقي وغيره، وصححوه.
وروى البيهقي أيضًا: أنه، ﷺ، جمع بالمدينة وكانوا أربعين رجلاً.
وعورض بأنه لا يدل على شرطيته.
وأجيب بما قاله في المجموع، وهو: أن الأصحاب قالوا: وجه الدلالة منه، أي من حديث كعب، أن الأمة أجمعوا على اشتراط العدد، والأصل الظهر، فلا تصح الجمعة إلا بعدد ثبت فيه توقيف، وقد ثبت جوازها بأربعين، وثبت:"صلوا كما رأيتموني أصلي". ولم تثبت صلاته لها بأقل من ذلك، فلا تجوز بأقل منه.
وقال المالكية: اثني عشر. لحديث الباب.
وقال أبو حنيفة ومحمد: أربعة بالإمام، لأن الجمع الصحيح إنما هو الثلاث، لأنه جمع تسمية ومعنى، والجماعة شرط على حدة، وكذا الإمام فلا يعتبر منهم.
وقال أبو يوسف: ثلاثة به، لأن في الاثنين معنى الاجتماع وهي منبئة عنه. اهـ.
وبالسند قال:(حدّثنا معاوية بن عمرو) بفتح العين، ابن المهلب، الأزدي البغدادي الكوفي الأصل، المتوفّى ببغداد سنة أربع عشرة ومائتين، (قال: حدّثنا زائدة) بن قدامة الكوفي (عن حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين، ابن عبد الرحمن الواسطي، (عن سالم بن أبي الجعد) بفتح الجيم وسكون العين، رافع الكوفي (قال: حدّثنا جابر بن عبد الله) الأنصاري (قال: بينما) بالميم، وفي نسخة لأبي ذر: بينا (نحن نصلي) أي الجمعة (مع النبي، ﷺ).
المراد بالصلاة هنا: انتظارها، جمعًا بينه وبين رواية عبد الله بن إدريس، عن حصين عند مسلم: ورسول الله ﷺ يخطب، فهو من باب: تسمية الشيء باسم ما قاربه، وهذا أليف بالصحابة تحسينًا للظن بهم.