وبالسند إلى المؤلف قال:(حدّثنا عبيد الله) بالتصغير وفي الفرع خلافًا لأصله. وحدّثنا محمد بن إسماعيل يعني البخاري حدّثنا عبيد الله (بن موسى) بن باذام بالموحدة والذال المعجمة آخره ميم العبسي بفتح المهملة وتسكين الموحدة الشيعي الغير داعية المتوفى بالإسكندرية سنة ثلاث عشرة أو أربع عشرة أو خمس عشرة ومائتين، (قال: أخبرنا) وفي رواية الهروي، حدّثنا (حنظلة بن أبي سفيان) بن عبد الرحمن الجمحي المكي القرشي المتوفى سنة إحدى وخمسين ومائة، (عن عكرمة بن خالد) يعني ابن العاصي المخزومي القرشي، المتوفى بمكة بعد عطاء وهو توفي سنة أربع عشرة أو خمس عشرة ومائة، (عن ابن عمر) بن الخطاب عبد الله (﵄)، هاجر به أبوه واستصغر يوم أُحُد وشهد الخندق وبيعة الرضوان والمشاهد، وكان واسع العلم متين الدين وافر الصلاح وتوفي سنة ثلاث وسبعين وله في البخاري مائتان وسبعون حديثًا (قال: قال رسول الله ﷺ):
(بني الإسلام) الذي هو الانقياد (على خمس) أي خمس دعائم، وقال بعضهم، على بمعنى من أي بني الإسلام من خمس، وبهذا يحصل الجواب عما يقال إن هذه الخمس هي الإسلام، فكيف يكون الإسلام مبنيًّا عليها والمبني لا بدّ أن يكون غير المبني عليه، ولا حاجة إلى جواب الكرماني بأن الإسلام عبارة عن المجموع والمجموع غير كل واحد من أركانه:(شهادة أن لا إله إلاّ الله و) شهادة (أن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة) أي المداومة عليها، والمراد الإتيان بها بشروطها وأركانها، (وإيتاء الزكاة) أي إعطائها مستحقيها بإخراج جزء من المال على وجه مخصوص كما سيأتي البحث فيه إن شاء الله تعالى في محله بعون الله، (والحج) إلى بيت الله الحرام، (وصوم) شهر (رمضان). بخفض شهادة على البدل من خمس، وكذا ما بعدها. ويجوز الرفع خبر مبتدأ محذوف أي وهي والنصب بتقدير أعني، قال البدر الدماميني: أما وجه الرفع فواضح، وأما وجه الجر فقد يقال فيه إن البدل من خمس هو مجموع المجرورات المتعاطفة لا كل واحد منها.
فإن قلت: يكون كل منها بدل بعض، قلت حينئذ يحتاج إلى تقدير رابط اهـ. "ولا" في قوله: لا إله إلاّ الله، هي النافية للجنس وإله اسمها مركب معها تركيب مزج كأحد عشر، والفتحة فتحة بناء، وعند الزجاج فتحة إعراب لأنه عنده منصوب بها لفظًا وخبرها محذوف اتفافًا تقديره موجود، وإلاّ حرف استثناء، والاسم الكريم مرفوع على البدلية من الضمير المستتر في الخبر، وقيل: مرفوع على الخبرية لقوله لا وعليه جماعة. وفي هذه المسألة مباحث ضربت عليها بعد أن أثبتها خوف الإطالة، ثم إن هذا التركيب عند علماء المعاني يفيد القصر وهو في هذه الكلمة من باب قصر الصفة على الموصوف لا العكس، فإن إله في معنى الوصف.
فإن قلت: لمَ قدّم النفي على الإثبات فقيل لا إله إلا الله ولم يقل الله لا إله إلاّ هو بتقديم الإثبات على النفي؟ أجيب: بأنه إذا نفى أن يكون ثم إله غير الله فقد فرّغ قلبه مما سوى الله بلسانه