للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ».

وبالسند قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس (قال: حدّثني) بالإفراد (مالك) هو: ابن أنس، إمام دار الهجرة (عن صالح بن كيسان، عن عبيد الله بن عبد الله) بضم العين في الأول (ابن عتبة بن مسعود، عن زيد بن خالد الجهني، أنه قال):

(صلّى لنا) أي: لأجلنا وهو من باب المجاز وإلا فالصلاة لله لا لغيره، أو: اللام بمعنى الباء، أي: صلّى بنا (رسول الله، ، صلاة الصبح بالحديبية) مخففة الياء كما في الفرع وأصله، وعليه المحققون، مشددة عند الأكثر من المحدثين. سميت بشجرة حدباء كانت بيعة الرضوان تحتها، حال كون صلاته (على إثر سماء) بكسر الهمزة وسكون المثلثة، على المشهور، أي: عقب مطر، وأطلق عليه سماء لكونه ينزل من جهتها، وكل جهة علو تسمى سماء (كانت) أي: السماء (من الليلة) بالإفراد، وللأصيلي، والكشميهني: من الليل (فلما انصرف النبي، ) من صلاته أو مكانه (أقبل على الناس) بوجهه الكريم (فقال) لهم:

(هل تدرون ماذا قال ربكم)؟ لفظه لفظ الاستفهام، ومعناه التنبيه. وللنسائي: من رواية سفيان، عن صالح: ألم تسمعوا ما قال ربكم الليلة؟.

(قالوا الله ورسوله أعلم) قال:

(قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر) كفر إشراك لمقابلته للإيمان، أو: كفر نعمة بدلالة ما في مسلم: قال الله: ما أنعمت على عبادي من نعمة إلا أصبح فريق منهم بها كافرين والإضافة في عبادي للملك لا للتشريف (فأما من قال: مطرنا بفضل الله، ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب) وللحموي، وابن عساكر، وأبي الوقت: مؤمن بي وكافر بالكوكب، (وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا) بفتح النون، وسكون الواو والهمزة، بكوكب كذا، معتقدًا ما كان عليه بعض أهل الشرك، من إضافة المطر إلى النوء، وأن المطر كان من أجل أن الكوكب ناء أي: سقط وغاب، أو نهض وطلع، وأنه الذي هاجه (فذلك كافر بي) لأن النوء وقت، والوقت مخلوق ولا يملك لنفسه ولا لغيره مشيئًا (مؤمن بالكوكب).

ومن قال: مطرنا في وقت كذا فلا يكون كفرًا، قال الإمام الشافعي وغيره: من الكلام أحب إليّ، يعني: حسمًا للمادة، فمن زعم أن المطر يحصل عند سقوط الثريا مثلاً، فإنما هو إعلام للوقت والفصول، فلا محذور فيه، وليس من وقت، ولا زمن إلا وهو معروف بنوع من مرافق العباد يكون فيه دون غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>