للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(صدرت مع عمر، ، من مكة) قافلاً من حجة (حتى إذا كنا بالبيداء) بفتح الموحدة وسكون المثناة التحتية، مفازة بين مكة والمدينة (إذا هو بركب) أصحاب إبل عشرة، فما فوقها مسافرين فاجأوه (تحت ظل سمرة) بفتح السين المهملة وضم الميم، شجرة عظيمة من العضاه (فقال: اذهب فانظر مَن هؤلاء الركب؟ قال: فنظرت فإذا صهيب) بضم الصاد ابن سنان بن قاسط بالقاف، وكان من السابقين الأوّلين المعذبين في الله (فأخبرته) أي: أخبرت عمر بذلك (فقال: ادعه لي، فرجعت إلى صهيب، فقلت) له: (ارتحل فالحق) بكسر الحاء المهملة في الأول وفتحها في الثاني، أمر من: اللحوق (فأمير المؤمنين) كذا لأبي ذر، عن الكشميهني: بالموحدة قبل الهمزة، ولغيره: فالحق أمير المؤمنين، فلحق به. حتى دخلنا المدينة (فلما أصيب عمر) بالجراحة التي مات بها، وكان ذلك عقب حجه المذكور (دخل صهيب) حال كونه (يبكي) حال كونه (يقول: وا أخاه، وا صاحباه) بألف الندبة فيهما لتطويل مدّ الصوت، وليست علامة إعراب في الأسماء الستة، والهاء للسكت لا ضمير، لكن الشرط في المندوب أن يكون معروفًا، فيقدّر أن الأخوة والصاحبية كانا معلومين معروفين حتى يصح وقوعهما للندبة، (فقال عمر، : يا صهيب أتبكي عليّ) بهمزة الاستفهام الإنكاري (وقد قال رسول الله ):

(إن الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه؟) قيده ببعض البكاء فحمل على ما فيه نياحة جميعًا بين الأحاديث.

١٢٨٨ - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ "فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ: يَرْحِمَ اللَّهُ عُمَرَ، وَاللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ أنَّ اللَّهَ لَيُعَذِّبُ الْمُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ، لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَيَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ، وَقَالَتْ: حَسْبُكُمُ الْقُرْآنُ ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عِنْدَ ذَلِكَ: وَاللَّهُ ﴿هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾. قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: وَاللَّهِ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ شَيْئًا".

[الحديث ١٢٨٨ - طرفاه في: ١٢٨٩، ٣٩٧٨].

(وقال ابن عباس، : فلما مات عمر ذكرت ذلك لعائشة، ، فقالت: يرحم الله عمر) قال الطيبي: هذا من الآداب الحسنة على منوال قوله تعالى: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٤٣] فاستغربت من عمر ذلك القول، فجعلت قولها: يرحم الله عمر تمهيدًا ودفعًا لما يوحش من نسبته إلى الخطأ.

والله ما حدّث رسول الله، : (إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه) يحتمل أن يكون جزمهما بذلك، لكونها سمعت صريحًا من النبي، اختصاص العذاب بالكافر، أو فهمت ذلك من القرائن (لكن) بإسقاط الواو، ولأبي ذر: ولكن (رسول الله، ) بإسكان نون لكن، فرسول الله مرفوع وبتشديدها فهو منصوب (قال):

<<  <  ج: ص:  >  >>