وبه قال:(حدّثنا عبدان) بفتح العين المهملة وسكون الموحدة عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: (أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي (عن) ابن شهاب (الزهري عن عروة بن الزبير) بن العوام (وسعيد بن المسيب أن حكيم بن حزام) بفتح الحاء المهملة في الأول وكسرها في الثاني وتخفيف الزاي المعجمة (﵁ قال: سألت رسول الله ﷺ فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم سألته فأعطاني) بتكرير الإعطاء ثلاثًا (ثم قال):
(يا حكيم، إن هذا المال) في الرغبة والميل إليه وحرص النفوس عليه كالفاكهة التي هي (خضرة) في النظر (حلوة)، في الذوق وكل منهما يرغب فيه على انفراده فكيف إذا اجتمعا. وقال في التنقيح: تأنيث الخبر تنبيه على أن المبتدأ مؤنث، والتقدير: أن صورة هذا المال أو يكون التأنيث للمعنى لأنه اسم جامع لأشياء كثيرة، والمراد بالخضرة الروضة الخضراء أو الشجرة الناعمة والحلوة المستحلاة الطعم. قال في المصابيح: إذا كان قوله خضرة صفة للروضة أو المراد بها نفس الروضة الخضرة لم يكن ثم إشكال البتة، وذلك أن توافق المبتدأ والخبر في التأنيث إنما يجب إذا كان الخبر صفة مشتقة غير سببية نحو هند حسنة أو في حكمها كالمنسوب أما في الجوامد فيجوز نحو هذه الدار مكان طيب وزيد نسمة عجيبة انتهى.
(فمن أخذه) أي المال وللحموي: فمن أخذ (بسخاوة نفس) من غير حرص عليه أو بسخاوة نفس المعطي (بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس) أي مكتسبًا له بطلب النفس وحرصها عليه وتطلعها إليه (لم يبارك له) أي الآخذ (فيه) أي في المعطى (وكان) أي الآخذ (كالذي يأكل ولا يشبع) أي كذي الجوع الكاذب بسبب سقم من غلبة خلط سوداوي أو آفة، ويسمى جوع الكلب كلما ازداد أكلاً ازداد جوعًا فلا يجد شبعًا ولا ينجع فيه الطعام.
وقال في شرح المشكاة: لما وصف المال بما تميل إليه النفس الإنسانية بجبلتها رتب عليه بالفاء أمرين: أحدهما: تركه مع ما هي مجبولة عليه من الحرص والشره والميل إلى الشهوات وإليه أشار