سفرهم ودنوهم من مكة وهم بسرف كما في حديث عائشة أو بعد طوافه كما في حديث جابر، ويحتمل تكرار الأمر بذلك في الموضعين وأن العزيمة كانت آخرًا حين أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة.
(من كان منكم أهدى فإنه لا يحل لشيء) ولأبي ذر وابن عساكر: من شيء (حرم منه) أي من أفعاله (حتى يقضي حجه) إن كان حاجًا فإن كان معتمرًا فكذلك لما في الرواية الأخرى، ومن أحرم بعمرة فلم يهد فليحلل، ومن أحرم بعمرة وأهدى فلا يحل حتى ينحر هديه (ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر) من شعر رأسه وإنما لم يقل وليحلق وإن كان أفضل ليبقى له شعر يحلقه في الحج فإن الحلق في تحلل الحج أفضل منه في تحلل العمرة، ولأبي ذر: ويقصر بحذف لام الأمر والجزم عطفًا على المجزوم قبله والرفع على الأصل لأنه فعل مضارع مجرد من ناصب وجازم أي: وبعد الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة يقصر، (وليحلل) بسكون اللام الأولى والثالثة وكسر الثانية وفتح التحتية أمر معناه الخبر أي صار حلالاً فله فعل كل ما كان محظورًا عليه في الإحرام، ويحتمل أن يكون إذنًا كقوله تعالى: ﴿وإذا حللتم فاصطادوا﴾ [المائدة: ٢] والمراد فسخ الحج عمرة واتمامها حتى يحل منها وفيه دليل على أن الحلق أو التقصير نسك وهو الصحيح، (ثم ليهل بالحج) أي في وقت خروجه إلى عرفات لا أنه يهل عقب تحلل العمرة، ولذا قال ثم ليهل فعبر بثم المقتضية للتراخي والهلة (فمن لم يجد هديًا) بأن عدم وجوده أو ثمنه أو زاد على ثمُن المثل أو كان صاحبه لا يريد بيعه (فليصم ثلاثة أيام في الحج) بعد الإحرام به والأولى تقديمها قبل يوم عرفة لأن الأولى فطره فيندب أن يحرم المتمتع العاجز عن الدم قبل سادس ذي الحجة ويمتنع تقديم الصوم على الإحرام (وسبعة إذا رجع إلى أهله) ببلده أو بمكان توطن به كمكة ولا يجوز صومها في توجهه إلى أهله لأنه تقديم للعبادة البدنية على وقتها ويندب تتابع الثلاثة والسبعة.
(فطاف) رسول الله ﷺ(حين قدم مكة واستلم) أي مسح (الركن) الأسود حال كونه (أول شيء) أي مبدوءًا به (ثم خب) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الموحدة أي رمل (ثلاثة طواف ومشى أربعًا) ولأبي ذر: أربعة أي من الأطواف (فركع حين قضى) أدى (طوافه بالبيت) سبعًا (عند المقام) مقام إبراهيم (ركعتين) للطواف (ثم سلم) منهما (فانصرف فأتى) عقب ذلك (الصفا) بالقصر (فطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف ثم لم يحلل من شيء حرم منه حتى قضى حجه) بالوقوف بعرفات ورمى الجمرات ولم يقل وعمرته لدخولها في الحج أو لأنه كان مفردًا (ونحر هديه) الذي ساقه معه من المدينة (يوم النحر وأفاض) أي دفع نفسه أو راحلته بعد الإتيان بما ذكر إلى المسجد الحرام (فطاف بالبيت) طواف الإفاضة، (ثم حل)﵊(من كل شيء حرم منه) أي حصل له الحل. قال ابن عمر:(وفعل مثل ما فعل رسول الله ﷺ) أي مثل فعله فما مصدرية وفاعل فعل قوله (من أهدى) ممن كان معه ﵊، (وساق الهدي من الناس)"ومن" للتبعيض لأن من كان معه الهدي بعضهم لا كلهم.