للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال في شرح المهذّب: وإنما أمره بالترك لأنه كان يشق عليه إكثار الصوم فأما من لا يشق عليه فصوم جميعها فضيلة وأفضلها المحرم قال "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم" رواه مسلم، وقال الحنابلة: يكره إفراد رجب بالصوم. قال في الإنصاف: وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم وهو من مفردات المذهب. قال: وحكى الشيخ تقي الدين في تحريم إفراده وجهين قال في الفروع: ولعله أخذه من كراهة أحمد وتزول الكراهة عندهم بالفطر من رجب ولو يومًا أو بصوم شهر آخر من السنة قال المجد: وإن لم يله اهـ.

وكذا يستحب صوم ستة من شوّال لقوله من صام رمضان وأتبعه ستًا من شوّال كان كصيام الدهر رواه مسلم، والأفضل تتابعها وكونها متصلة بالعيد مبادرة للعبادة، وكره مالك صيامها قال في الموطأ: لم أر أحدًا من أهل الفقه والعلم صامها ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف وأن أهل العلم يكرهون ذلك مخافة بدعته وأن يلحق أهل الجهالة والجفاء برمضان ما ليس منه، قال في المقدمات: وأما الرجل في خاصة نفسه فلا يكره له صيامها ونحوه في النوادر، وكذا يستحب صوم يوم لا يجد في بيته ما يأكله لحديث عائشة قالت: دخل عليّ النبي ذات يوم فقال: "هل عندكم شيء" قلنا: لا. قال: "إني إذًا صائم" رواه مسلم والنفل من الصوم غير محصور والاستكثار منه مطلوب والمكروه منه صوم المريض والمسافر والحامل والمرضع والشيخ الكبير إذا خافوا منه المشقّة الشديدة وقد ينتهي ذلك إلى التحريم، وصوم يوم عرفة بها للحاج لكن الصحيح أنه خلاف الأولى لا مكروه ويستحب له فطره سواء أضعفه الصوم عن العبادة أم لا.

وقال المتولي: إن كان ممن لا يضعف بالصوم عن ذلك فالصوم أولى له وإلا فالفطر.

ويكره أيضًا التطوّع بالصوم وعليه قضاء صوم من رمضان، وهذا إذا لم يتضيق وقته وإلاّ حرم التطوع وإفراد يوم الجمعة أو السبت وصوم الدهر لمن خاف ضررًا أو فوت حق ويحرم صوم العيدين وأيام التشريق وصوم الحائض والنفساء للإجماع صوم يوم الشك وصوم النصف الأخير من شعبان إذا لم يصله بما قبله على المختار، وصححه في المجموع وغيره لحديث "إذا انتصف شعبان فلا صيام حتى يكون رمضان" رواه الترمذي وقال: حسن صحيح إلا لقضاء أو موافقة نذر أو عادة فلا يحرم لم يصح مسارعة لبراءة الذمة ولأن له سببًا، فجاز كنظيره من الصلاة في الأوقات الكروهة، ولا يجوز للمرأة أن تصوم نفلاً وزوجها حاضر إلا بإذنه كل صومها حينئذ صحيح لأن تحريمه لا لمعنى يعود إلى الصوم فهو كالصلاة في أرض مغصوبة.

وهذا آخر كتاب الصوم وكان الفراغ منه يوم الاثنين ثالث جمادى الآخرة سنة سبع وتسعمائة، والله أسأل أن يمن بإتمامه وينفع به ويجعله خالصًا لوجهه الكريم، وحسبي الله ونعم الوكيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>