بقرب المدينة قال السفاقسي: وكان ذلك سنة ثمان من الهجرة في قضية حُنين (فأصاب الناس جوع فأصابوا إبلاً وغنمًا) بكسر الهمزة والموحدة لا واحد له من لفظه بل واحده بعير (قال) رافع (وكان النبي ﷺ في أُخريات القوم) بضم الهمزة للرفق بهم وحمل النقطع (فعجلوا) بكسر الجيم وفي الفرع بفتحها ولم يضبطها في اليونينية (وذبحوا) مما أصابوه (ونصبوا القدور) بعد أن وضعوا اللحم فيها للطبخ (فأمر النبي ﷺ بالقدور) أن تكفأ (فأكفئت) بضم الهمزة الأولى أي أميلت ليفرغ ما فيها يقال كفأت الإناء وأكفأته إذا أملته وإنما أكفئت لأنهم ذبحوا الغنم قبل أن تقسم ولم يكن لهم ذلك وقال النووي لأنهم كانوا قد انتهوا إلى دار الإسلام والمحل الذي لا يجوز الأكل فيه من مال الغنيمة المشتركة، فإن الأكل منها قبل القسمة إنما يباح في دار الحرب، والمأمور به من الإراقة إنما هو إتلاف المرق عقوبة لهم، وأما اللحم فلم يتلفوه بل يحمل على أنه جمع وردّ إلى المغنم ولا يظن بأنه أتلف مال الغانمين لأنه ﷺ نهى عن إضاعة المال. نعم في سنن أبي داود بسند جيد أنه ﷺ أكفأ القدور بقوسه ثم جعل يزيل اللحم بالتراب ثم قال:"إن النهبة ليست بأحلّ من الميتة أو إن الميتة ليست بأحل من النهبة" شك هناد أحد رواته وقد يجاب بأنه لا يلزم من تزبيله إتلافه لإمكان تداركه بالغسل لكنه بعيد، ويحتمل أن فعله ذلك لأنه أبلغ في الزجر ولو ردّها إلى المغنم لم يكن فيه كبير زجر إذا ما ينوب الواحد منهم في ذلك نزر يسير فكان إفسادها عليهم مع تعلق قلوبهم بها وغلبة شهواتهم أبلغ في الزجر.
(ثم قسم)﵊(فعدل) بتخفيف الدال (عشرة) بإثبات تاء التأنيث في أصل أبي ذر والأصيلي وابن عساكر والأصل المسموع على أبي الوقت بقراءة الحافظ ابن السمعاني لكن قال ابن مالك لا يجوز إثباتها فالصواب فعدل عشرًا (من الغنم ببعير) أي سواها به وهو محمول على أنه كان بحسب قيمتها يومئذ ولا يخالف هذا قاعدة الأضحية من إقامة بعير مقام سبع شياه لأنه الغالب في قيمة الشياه والإبل المعتدلة.
وهذا موضع الترجمة على ما لا يخفى (فند) بفتح النون وتشديد الدال المهملة أي هرب وشرد (منها بعير فطلبوه فأعياهم) أي أعجزهم (وكان في القوم خيل يسيرة) أي قليلة (فأهوى) أي مال وقصد (رجل منهم) إليه (بسهم) أي فرماه به (فحبسه الله) أي بذلك السهم (ثم قال)ﷺ: (إن لهذه البهائم) أي الإبل (أوابد) جمع آبدة بالمد وكسر الموحدة المخففة أي نوافر وشوارد (كأوابد الوحش فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا) أي ارموه بالسهم كالصيد. قال عباية بن رفاعة (فقال جدي) رافع بن خديج (إنّا نرجو أو) قال (نخاف العدوّ غدًا) والشك من الراوي والرجاء هنا بمعنى الخوف (وليست مدى) ولأبي ذر عن الكشميهني والأصيلي: وليست معنا مدى، وللحموي والمستملي: وليست لنا مدى وهو بضم الميم وبالدال المهملة مقصور منوّن جمع مدية مثلث الميم سكين أي استعملنا السيوف في الذبائح تكل وتعجز عند لقاء العدوّ عن المقاتلة بها (أفنذبح بالقصب) ولمسلم فنذكي بالليط بكسر اللام وسكون المثناة التحتية وبالطاء المهملة قطع القصب أو قشوره (قال)