(من أعتق نصيبًا أو) قال (شقيصًا) بفتح أوله وكسر ثانيه والشك من الراوي (في مملوك) مشترك بينه وبين غيره (فخلاصه) كله من الرقّ (عليه في ماله) بأن يؤدي قيمة باقيه من ماله (إن كان له مال وإلاّ) بأن لم يكن للذي أعتق مال (قوم) بضم القاف مبنيًّا للمفعول (عليه فاستسعي) بضم التاء أي ألزم العبد (به) أي باكتساب ما قوّم من قيمة نصيب الشريك ليفك بقية رقبته من الرقّ أو يخدم سيده الذي لم يعتقه بقدر ما له فيه من الرقّ، والتفسير الأول هو الأصح عند القائل بالاستسعاء لاسيما وفي رواية عبدة عند النسائي ومحمد بن بشر عند أبي داود كلاهما عن سعيد ما يوضح أن المراد الأول ولفظه واستسعى في قيمته لصاحبه (غير مشقوق عليه) في الاكتساب إذا عجز، وقال ابن التين: معناه لا يستغلى عليه في الثمن وهو قول أبي حنيفة مستدلاً بهذا الحديث، وما رواه مسلم وأصحاب السنن وخالفه أصحابه وهو مذهب الشافعية والمالكية والحنابلة.
(تابعه) أي تابع سعيد بن أبي عروبة في روايته عن قتادة على ذكر السعاية (حجاج بن حجاج) بتشديد الجيم فيهما الأسلمي الباهلي البصري الأحول مما هو في نسخته عن قتادة من رواية أحمد بن حفص أحد شيوخ البخاري عن أبيه عن إبراهيم بن طهمان عن حجاج وفيها ذكر السعاية (وأبان) بن يزيد العطار مما أخرجه أبو داود والنسائي من طريقه قال: حدّثنا قتادة أخبرنا النضر بن أنس ولفظه: فإن عليه أن يعتق بقيته إن كان له مال وإلا استسعي العبد الحديث. (وموسى بن خلف) العمي فيما وصله الخطيب في كتاب الفصل للوصل من طريق أبي ظفر عبد السلام بن مطهر عنه كلهم (عن قتادة) بن دعامة، وأراد المؤلّف بهذا الرد على من زعم أن الاستسعاء في هذا الحديث غير محفوظ، وأن سعيد بن أبي عروبة تفرّد به فاستظهر له برواية جرير بن حازم لموافقته ثم ذكر ثلاثة تابعوهما على ذكرها فنفى عنه التفرّد ثم قال:(اختصره) أي الحديث (شعبة) هو ابن الحجاج وكأنه جواب عن سؤال مقدّر، وهو أن شعبة أحفظ الناس لحديث قتادة فكيف لا يذكر الاستسعاء فأجاب بأن هذا لا يؤثر فيه ضعفًا لأنه أورده مختصرًا وغيره بتمامه والعدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد.
ورواية شعبة أخرجها مسلم والنسائي من طريق غندر عنه عن قتادة بإسناده ولفظه عن النبي ﷺ في المملوك بين الرجلين فيعتق أحدهما نصيبه قال "يضمن".
ومن طريق معاذ عن شعبة بلفظ:"من أعتق شقصًا من مملوك فهو حر من ماله" وقد اختصر ذكر السعاية أيضًا هشام الدستوائي عن قتادة إلا أنه اختلف عليه في إسناده فمنهم من ذكر فيه النضر بن أنس، ومنهم من لم يذكره. وقد أجاب أصحابنا الشافعية عن الأحاديث المذكور فيها السعاية بأجوبة.
أحدها: أن الاستسعاء مدرج في الحديث من كلام قتادة لا من كلامه ﷺ كما رواه همام بن يحيى عن قتادة بلفظ: إن رجلاً أعتق شقصًا من مملوك فأجاز النبي ﷺ عتقه وغرمه بقية ثمنه قال قتادة: إن لم يكن له مال استسعي العبد غير مشقوق عليه أخرجه الدارقطني والخطابي والبيهقي وفيه