للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل السعاية من الحديث وجعلها من قول قتادة. وقال ابن المنذر والخطابي في معالم السنن: هذا الكلام لا يثبته أكثر أهل النقل مسندًا عن النبي ، ويزعمون أنه من كلام قتادة، واستدلّ له ابن المنذر برواية همام وقد ضعف الشافعي أمر السعاية فيما ذكره عنه البيهقي بوجوه.

منها: أن شعبة وهشامًا الدستوائي رويا هذا الحديث ليس فيه استسعاء وهما أحفظ.

ومنها: أن الشافعي سمع بعض أهل النظر والقياس والعلم بالحديث يقول: لو كان حديث سعيد بن أبي عروبة في الاستسعاء منفردًا لا يخالفه غيره ما كان ثابتًا قال الشافعي في القديم: وقد أنكر الناس حفظ سعيد. قال البيهقي: وهذا كما قال الشافعي فقد اختلط سعيد بن أبي عروبة في آخر عمره حتى أنكروا حفظه، إلا أن حديث الاستسعاء قد رواه أيضًا جرير بن حازم عن قتادة، ولذلك أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح، واستشهد البخاري برواية الحجاج بن الحجاج وأبان وموسى عن قتادة فذكر الاستسعاء فيه، وإنما يضعف الاستسعاء في هذا الحديث رواية همام بن يحيى عن قتادة فإنه فصله من الحديث وجعله من قول قتادة، ولعل الذي أخبر الشافعي بضعفه وقف على رواية همام أو عرف علة أخرى لم يقف عليها اهـ.

فجزم هؤلاء الأثمة بأنه مدرج وأبى ذلك جماعة منهم الشيخان فصحّحا كون الجميع مرفوعًا وهو الذي رجحه ابن دقيق العيد وجماعة لأن سعيد بن أبي عروبة أعرف بحديث قتادة لكثرة ملازمته له وكثرة أخذه عنه من همام وغيره، وهمام وشعبة وإن كانا أحفظ من سعيد لكنهما لم ينفيا ما رواه، وإنما اقتصرا من الحديث على بعضه وليس المجلس متحدًّا حتى يتوقف في زيادة سعيد فإن ملازمة سعيد لقتادة كانت أكثر منهما فسمع منه ما لم يسمعه غيره وهذا كله لو انفرد وسعيد لم ينفرد، وقد قال النسائي في حديث قتادة عن أبي المليح في هذا الباب بعد أن ساق الاختلاف فيه على قتادة هشام: وسعيد أثبت في قتادة من همام وما أعلّ به حديث سعيد من كونه اختلط أو تفرد به مردود لأنه في الصحيحين وغيرهما من رواية من سمع منه قبل الاختلاط كيزيد بن زريع، ووافقه عليه أربعة تقدم ذكرهم وآخرون معهم يطول ذكرهم وهمام هو الذي انفرد بالتفصيل، وهو الذي خالف الجميع في القدر المتفق على رفعه فإنه جعله واقعة عين وهم جعلوه حكمًا عامًّا فدلّ على أنه لم يضبطه كما ينبغي، وقد وقع ذكر الاستسعاء في غير حديث أبي هريرة أخرجه الطبراني من حديث جابر.

واحتج من أبطل الاستسعاء بحديث عمران بن حصين عند مسلم أن رجلاً أعتق ستة مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم فدعاهم رسول الله فجزأهم أثلاثًا ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرقّ أربعة. ووجه الدلالة منه أن الاستسعاء لو كان مشروعًا لنجز من كل واحد منهم عتق ثلثه وأمره بالاستسعاء في بقية قيمته لورثة الميت.

وروى النسائي من طريق سليمان بن موسى عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله قال: "من

<<  <  ج: ص:  >  >>