(باب ما جاء في البينة على المدعي) بكسر العين (لقوله) زاد أبو ذر تعالى ولأبي ذر أيضًا ﷿(﴿يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين﴾) أي إذا داين بعضكم بعضًا تقول داينته إذا عاملته نسيئة معطيًا أو آخذًا (﴿إلى أجل مسمى﴾) معلوم بالأيام والأشهر لا بالحصاد وقدوم الحاج (﴿فاكتبوه﴾) قال ابن كثير: هذا إرشاد من الله تعالى لعباده المؤمنين إذا تعاملوا بمعاملات مؤجلة أن يكتبوها ليكون ذلك أحفظ لمقدارها وميقاتها وأضبط للشاهد، ويقال مما ذكره السمرقندي مَن ادّان دينًا وا يكتب فإذا نسي دينه ويدعو الله تعالى بأن يظهره يقول الله تعالى: أمرتك بالكتابة فعصيت أمري، والجمهور على أن الأمر هنا للاستحباب (﴿وليكتب بينكم كاتب بالعدل﴾) أي بالقسط من غير زيادة ولا نقصان (﴿ولا يأب كاتب﴾) ولا يمتنع أحد من الكتاب (﴿أن يكتب كما علمه الله﴾) مثل ما علمه الله من كتب الوثائق ما لم يكن يعلم (﴿فليكتب﴾) نلك الكتابة المعلمة (﴿وليملل الذي عليه الحق﴾) وليكن المملل من عليه الحق لأنه المقرّ المشهود عليه (﴿وليتق الله ربه﴾) أي المملي أو الكاتب (﴿ولا يبخس﴾) ولا ينقص (﴿منه شيئًا﴾) أي من الحق أو الكاتب لا ينجس مما أمل عليه (﴿فإن كان الذي عليه الحق سفيهًا﴾) ناقص العقل مبذرًّا (﴿أو ضعيفًا﴾) صبيًّا أو ضعيفًا مختلاًّ (﴿أو لا يستطيع أن يمل هو﴾) أو غير مستطيع للإملاء بنفسه لخرس أو جهل باللغة (﴿فليملل وليه بالعدل﴾) أي الذي يلي أمره ويقوم مقامه من قيم إن كان صبيًّا أو مختل عقل أو وكيل أو مترجم إن كان غير مستطيع وهو دليل جريان النيابة في الإقرار ولعله مخصوص بما تعاطاه القيم أو الوكيل (﴿واستشهدوا﴾) على حقكم (﴿شهيدين من رجالكم﴾) المسلمين الأحرار البالغين وقال: ابن كثير أمر بالإشهاد مع الكتابة لزيادة التوثقة (﴿فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان﴾) وهو مخصوص بالأموال عندنا ومما عدا الحدود والقصاص عند أبي حنيفة (﴿ممن ترضون من الشهداء﴾) لعلمكم بعد التهم (﴿أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى﴾) أي لأجل أن إحداهما إن ضلّت الشهادة بأن نسيتها ذكرتها الأخرى وفيه إشعار بنقصان عقلهن وقلة ضبطهن (﴿ولا يأبَ الشهداء إذا ما دعوا﴾) لأداء الشهادة عند الحاكم فإذا دعي لأدائها فعليه الإجابة إذا تعينت، وإلاّ فهو فرض كفاية أو التحمل وسموا شهداء تنزيلاً لما يشارف منزلة الواقع وما مزيدة (﴿ولا تسأموا﴾)