وبه قال:(حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا نافع بن عمر) بن عبد الله بن جميل الجمحي القرشي المكي المتوفى سنة تسع وستين ومائة (عن ابن أبي مليكة) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي مليكة بضم الميم وفتح اللام مصغرًا أنه (قال: كتب ابن عباس ﵄) أي بعد أن كتبت إليه أسأله عن قصة المرأتين اللتين ادّعت إحداهما على الأخرى أنها جرحتها كما في تفسير سورة آل عمران وزاد أبو ذر: إليّ (أن النبي ﷺ قضى باليمين على المدّعي عليه).
وعند البيهقي من طريق عبد الله بن إدريس عن ابن جريج وعثمان بن الأسود عن ابن أبي مليكة بلفظ: كنت قاضيًا لابن الزبير على الطائف وذكر قصة المرأتين فكتبت إلى ابن عباس فكتب إليّ: أن رسول الله ﷺ قال: "لو يعطى الناس بدعواهم لادّعى رجال أموال قوم ودماءهم ولكن البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر" وإسناده حسن وإنما كانت البيّنة على المدّعي لأن حجته قوية لانتفاء التهمة وجانبه ضعيف لأنه خلاف الظاهر فكلّف الحجة القوية وهي البيّنة ليقوى بها ضعفه وعكسه المدّعى عليه فاكتفى بالحجة الضعيفة وهي اليمين. نعم قد تجعل اليمين في جانب المدّعي في مواضع مستثناة كأيمان القسامة لحديث الصحيحين المخصص لحديث الباب وفي البيهقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه أن رسول الله ﷺ قال:"البيّنة على من ادّعى واليمين على من أنكر إلا في القسامة ودعوى بالقيمة في المتلفات".
وفي هذا الحديث دلالة لمذهب الشافعي والجمهور أن اليمين متوجهة على المدّعى عليه سواء كان بينه وبين المدّعي اختلاط أم لا؟ وقال مالك وأصحابه: إن اليمين لا تتوجه إلا على من بينه وبينه خلطة لئلا يبتذل السفهاء أهل الفضل بتحليفهم مرارًا في اليوم الواحد فاشترطت الخلطة لهذه المفسدة.
وهذا الحديث قد سبق في الرهن ويأتي إن شاء الله تعالى في تفسير سورة آل عمران.
هذا (باب) بالتنوين من غير ترجمة وهو ساقط عند أبوي ذر والوقت.