وبه قال:(حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني (عثمان بن أبي شيبة) هو عثمان بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي مولاهم الكوفي الحافظ قال: (حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة أنه (قال: قال عبد الله) هو ابن مسعود: (من حلف على) محلوف (يمين يستحق بها) باليمين (مالاً) لغيره (لقي الله) أي يوم القيامة (وهو عليه غضبان) غير مصروف للصفة وزيادة الألف والنون مع وجود الشرط وهو أن لا يكون المؤنث فيه بتاء التأنيث فلا تقول فيه امرأة غضبانة بل غضبى، والمراد من الغضب لازمه أي فيعذبه أو ينتقم منه (ثم أنزل الله ﷿ تصديق ذلك ﴿إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم﴾ إلى ﴿عذاب أليم﴾)[آل عمران: ٧٧] برفعهما على الحكاية، ولأبوي ذر والوقت: ﴿وأيمانهم ثمنًا قليلاً﴾ إلى ﴿أليم﴾.
(ثم إن الأشعث بن قيس) الكندي (خرج إلينا) من الموضع الذي كان فيه (فقال: ما يحدّثكم أبو عبد الرحمن) بن مسعود؟ (فحدّثاه بما) حدّثنا به (قال، فقال: صدق) ابن مسعود (لفيّ) بلام مفتوحة ففاء مكسورة فتحتية مشددة (أنزلت) بضم الهمزة زاد في الرهن والله أنزلت هذه الآية ولأبي ذر: نزلت بإسقاط الهمزة وفتح النون والزاي ولأبي الوقت نزلت بضم النون وكسر الزاي مشددة (كان بيني وبين رجل) اسمه معدان بن الأسود بن معد يكرب الكندي ولقبه الجفشيش بجيم مفتوحة ففاء ساكنة فشين معجمتين بينهما تحتية ساكنة (خصومة في شيء) في الرهن في بئر وفي رواية في أرض، وزاد مسلم. أرض باليمن. ولا يمتنع أن تكون المخاصمة في الكل فمرة ذكر الأرض لأن البئر داخلة فيها ومرة ذكر البئر لأنها المقصودة لسقي الأرض (فاختصمنا إلى رسول الله) ولأبوي ذر والوقت إلى النبي (ﷺ فقال):
(شاهداك أو يمينه) قال القاضي عياض: كذا الرواية بالرفع فيهما تقديره عليك شاهداك أو عليه يمينه أو يقدر لك شاهداك أو يمينه أي لك إقامة شاهديك أو طلب يمينه فحذف المضاف من كل من المتعاطفين وأقيم المضاف إليه مقامه. قال الأشعث:(فقلت له)﵊(أنه) أي معدان (إذًا يحلف) بالرفع على لغة من لا ينصب بإذا (ولا يبالي) أي لا يكترث وربما حذفت ألفه فقيل: لم أبل، وزاد مسلم وأصحاب السنن الأربعة في نحو هذه القصة من حديث وائل بن حجر.
"ليس لك إلا ذلك". واستدلّ بهذا الحصر على ردّ القضاء بالشاهد واليمين وهو مردود بأنه ﷺ قضى بذلك، وبأن المراد بقوله:"شاهداك" أي بيّنتك سواء كانت رجلين أو رجلاً وامرأتين أو رجلاً ويمين الطالب فالمعنى شاهداك أو ما يقوم مقامهما (فقال النبي ﷺ): (من حلف على يمين) الحلف هو اليمين فخالف بين اللفظين تأكيدًا لعقده وسماه يمينًا مجازًا للملابسة بينهما والمراد ما شأنه أن يكون محلوفًا عليه وإلا فهو قبل اليمين ليس محلوفًا عليه (يستحق بها) باليمين (مالاً) ليس له والجملة صفة ليمين أو حال (وهو فيها) في اليمين (فاجر) كاذب (لقي الله) زاد أبو ذر ﷿(وهو عليه غضبان) اسم فاعل من غضب يقال رجل غضبان وامرأة غضبى وهو من باب المجازاة أي يعامله معاملة المغضوب عليه فيعذبه والواو في وهو في الموضعين للحال (فأنزل الله تعالى تصديق ذلك ثم