عنهما (أيها الرجل إنه لرسول الله) ولأبي ذر إنه رسول الله (ﷺ وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه) بفتح العين المعجمة وبعد الراء الساكنة زاي وهو للإبل بمنزلة الركاب للفرس أي فتمسك بأمره ولا تخالفه كما يتمسك المرء بركاب الفارس فلا يفارقه، (فوالله إنه على الحق) قال عمر: (قلت أليس كان)﵊: (يحدّثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به) ولأبي ذر فنطوّف بالفاء بدل الواو والتشديد (قال) أبو بكر: (بلى أفأخبرك)﵊(أنك تأتيه العام) هذا قال عمر: (قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوّف به) بالتشديد مع كسر الواو وفي ذلك دلالة على فضيلة أبي بكر ووفور عمله لكونه أجاب به الرسول ﷺ.
(قال الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب بالسند السابق (قال عمر)﵁(فعملت لذلك) التوقف في الامتثال ابتداء (أعمالاً) صالحة. وعند ابن إسحاق فكان عمر يقول: ما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذٍ مخافة كلامي الذي تكلمت به، وعند الواقدي من حديث ابن عباس قال عمر ﵁: لقد أعتقت بسبب ذلك رقابًا وصمت دهرًا الحديث. ولم يكن هذا شكًّا منه في الدين بل ليقف على الحكمة في القضية وتنكشف عنه الشبهة وللحثّ على إذلال الكفار كما عرف من قوّته في نصرة الدين وقول الزهري هذا منقطع بينه وبين عمر.
(قال: فلما فرغ من قضية الكتاب) وأشهد على الصلح رجالاً من المسلمين منهم أبو بكر وعمر وعليّ ورجالاً من المشركين منهم مكرز بن حفص (قال رسول الله ﷺ لأصحابه): (قوموا فانحروا) الهدي (ثم احلقوا) رؤوسكم (قال فوالله ما قام منهم رجل) رجاء نزول الوحي بإبطال الصلح المذكور ليتم لهم قضاء نسكهم أو لاعتقادهم أن الأمر المطلق لا يقتضي الفور (حتى قال)﵇ لهم (ذلك ثلاث مرات فلما لم يقم منهم أحد دخل)﵇(على أم سلمة)﵂(فذكر لها ما لقي من الناس) من كونهم لم يفعلوا ما أمرهم به (فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك)؟ وعند ابن إسحاق قالت أم سلمة: يا رسول الله لا تلمهم فإنهم قد دخلهم أمر عظيم مما أدخلت على نفسك من المشقّة في أمر الصلح ورجوعهم بغير فتح ويحتمل أنها فهمت من الصحابة أنه احتمل عندهم أن يكون النبي ﷺ أمرهم بالتحلّل أخذًا بالرخصة في حقهم وأنه هو يستمر على الإحرام أخذًا بالعزيمة في حق نفسه فأشارت عليه أن يتحلل لينفي عنهم هذا الاحتمال فقالت: (اخرج ثم لا تكلم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بدنك) بضم الموحدة وسكون المهملة (وتدعو حالقك) بنصب الفعل عطفًا على الفعل المنصوب قبله (فيلحقك فخرج)﵊(فلم يكلم أحدًا منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه) بضم الموحدة وسكون المهملة وكانوا سبعين بدنة فيها جمل لأبي جهل في رأسه برّة من فضة ولأبي ذر عن الكشميهني هديه (ودعا حالقه) هو خراش بمعجمتين ابن أمية بن الفضل الخزاعي الكعبي (فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا) هديهم ممتثلين ما أمرهم به إذ لم تبق بعد ذلك غاية تنتظر (وجعل بعضهم يحلق بعضًا حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًّا) أي