ازدحامًا وفيه فضيلة أم سلمة ووفور عقلها، وقد قال إمام الحرمين في النهاية: قيل ما أشارت امرأة بصواب إلا أم سلمة في هذه القضية.
(ثم جاءه)﵊(نسوة مؤمنات) بعد ذلك في أثناء مدة الصلح (فأنزل الله تعالى: ﴿يا أيها الذين أمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات﴾) نصب على الحال (﴿فامتحنوهن﴾) فاختبروهن بما يغلب على ظنكم موافقة قلوبهن (حتى بلغ ﴿بعصم الكوافر﴾)[الممتحنة: ١٠] بما تعتصم به الكافرات من عقد ونسب جمع عصمة والمراد نهي المؤمنين عن المقام على نكاح المشركات وبقية الآية ﴿الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار﴾ أي إلى أزواجهن الكفرة لقوله: ﴿لا هنّ حلٌّ لهم ولا هم يحلُّون لهنّ وآتوهم ما أنفقوا﴾ أي ما دفعوا إليهن من المهور، وهذه الآية على رواية لا يأتيك منّا أحد وإن كان على دينك إلا رددته تكون مخصصة للسنة وهذا من أحسن أمثلة ذلك وعلى طريقة بعض السلف ناسخة من قبيل نسخ السنة بالكتاب، أما على رواية: لا يأتيك منا رجل فلا إشكال فيه.
(فطلق عمر)﵁(يومئذٍ امرأتين) قريبة بنت أبي أمية وابنة جرول الخزاعي كما في الرواية التالية (كانتا له في الشرك) لقوله تعالى في الآية ﴿لا هنّ حِلٌّ لهم ولا هم يحلُّون لهنّ﴾ [الممتحنة: ١٠] وقد كان ذلك جائزًا في ابتداء الإسلام (فتزوّج إحداهما) وهي قريبة (معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية) وفي الرواية اللاحقة وتزوج الأخرى أبو جهم.
(ثم رجع النبي ﷺ إلى المدينة فجاءه أبو بصير) بفتح الموحدة وكسر الصاد المهملة (رجل من قريش) بدل من أبو بصير ومعنى كونه من قريش أنه منهم بالحلف وإلاّ فهو ثقفي واسمه عتبة بضم العين المهملة وسكون الفوقية ابن أسيد بفتح الهمزة على الصحيح ابن جارية بالجيم الثقفي حليف بني زهرة وبنو زهرة من قريش (وهو مسلم) جملة حالية (فأرسلوا) أي قريش (في طلبه رجلين) هما خنيس بخاء معجمة مضمومة ونون مفتوحة آخره سين مهملة مصغرًا ابن جابر وأزهر بن عوف لزهريّ إلى رسول الله ﷺ(فقالوا العهد الذي جعلت لنا) يوم الحديبية أن ترد إلينا من جاء منا وإن كان على دينك وسألوه أن يردّ إليهم أبا بصير كما وقع في الصلح (فدفعه)﵇(إلى الرجلين) وفاء بالعهد (فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرحلين) في رواية ابن سعد لخنيس بن جابر ولابن إسحاق للعامري (والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدًا فاستلّه الآخر) أي أخرج السيف صاحبه من غمده (فقال: أجل) نعم (والله إنه لجيد لقد جرّبت به ثم جرّبت، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه فأمكنه منه) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي به بدل منه أي بيده (فضربه) أبو بصير (حتى برد) بفتح الموحدة والراء أي مات (وفرّ الآخر) وعند ابن إسحاق وخرج المولى يشتد أي هربًا وهو مولى خنيس واسمه كوثر (حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو) بالعين المهملة (فقال رسول الله ﷺ حين رآه)(لقد رأى هذا ذعرًا) بضم الذال المعجمة وسكون العين المهملة خوفًا (فلما انتهى إلى النبي ﷺ قال قتل) بضم القاف مبنيًّا للمفعول ولأبي ذر قتل بفتح