للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله تعالى: ﴿وكانوا من قبل يستفتحون﴾ [البقرة: ٨٩]. قال في الكشاف: السين للمبالغة أي يسألون أنفسهم الفتح عليهم كالسين في استعجب ويجوز أن يكون الخطاب العام أي يستوصي بعضكم من بعض في حق النساه، (فإن المرأة خلقت من ضلع) أي أعوج بكسر الضاد المعجمة وفتح اللام وتسكن واحد الأضلاع استعير للعوج صورة أو معنى أي فلا يتهيأ الانتفاع بها إلا بمداراتها والصبر على اعوجاجها، وقيل: أراد به أن أول النساء حواء أخرجت من ضلع آدم الأيسر، وقيل من القصيرى كما تخرج النخلة من النواة وجعل مكانها لحم، وهذا مروي عن ابن عباس فيما رواه ابن إسحاق في المبتدأ بلفظ: إن حواء خلقت من ضلع آدم الأقصر الأيسر وهو نائم، وكأن المعنى أن النساء خلقن من أصل خلق من شيء معوج، وقوله: أعوج هو أفعل التفضيل فاستعماله في العيوب شاذ، وإنما يمتنع عند الالتباس بالصفة فإذا تميز عنه بالقرينة جاز.

(وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه) ذكره تأكيدًا لمعنى الكسر أو إشارة إلى أنها خلقت من أعوج أجزاء الضلع مبالغة في إثبات هذه الصفة لهن أو ضرب مثلاً لأعلى المرأة لأن أعلاها رأسها وفيه لسانها، وهو الذي يحصل منه الأذى. والأصل التعبير بأعلاها لأن الضلع مؤنثة، وإنما أعاد الضمير مذكرًا على تأويله بالعضو، وقول الزركشي: تأنيثه غير حقيقي فلذا جاز التذكير، تعقبه في المصابيح فقال: هذا غلط لأن معاملة المؤنث غير الحقيقي معاملة المذكر إنما هو بالنسبة إلى ظاهره إذا أسند إليه مثل طلع الشمس، وأما مضمره فحكمه حكم المؤنث الحقيقي في وجوب التأنيث تقول: الشمس طلعت وهي طالعة ولا تقول طلع وهو طالع. نعم قد يؤول في بعض المواضع بالمذكر فينزل منزلته مثل:

فلا مزنة ودقت ودقها … ولا أرض أبقل أبقالها

فأول الأرض بالمكان فذكّر وكذا ما نحن فيه.

(فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته) أي وإن لم تقمه (لم يزل أعوج) فلا يقبل الإقامة وهذا ضرب مثل لما في أخلاق النساء من الاعوجاج فإن أريد منهن الاستقامة ربما أفضى ذلك إلى الطلاق. وفي مسلم من حديث أبي هريرة: إن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها، (فاستوصوا بالنساء) أيها الرجال. وفي الحديث الندب إلى المداراة لاستمالة النفوس وتألف القلوب وفيه سياسة النساء بأخذ العفو عنهن والصبر على عوجهن فإن من رام تقويمهن فاته الانتفاع بهن مع أنه لا غنى للإنسان عن امرأة يسكن إليها ويستعين بها على معاشه. وفي صحيح ابن حبان مرفوعًا من حديث أبي هريرة: إن المرأة خلقت من ضلع أعوج فإن أقمتها كسرتها فدارها تعش بها.

وحديث الباب أخرجه أيضًا في النكاح وعشرة النساء ومسلم في النكاح.

٣٣٣٢ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ: "حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ وَهْوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>