للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكًا بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: فَيُكْتَبُ عَمَلُهُ، وَأَجَلُهُ، وَرِزْقُهُ، وَشَقِيٌّ أَم سَعِيدٌ. ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ. فَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ».

وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص) قال: (حدّثنا أبي) حفص بن غياث بن طلق قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران قال: (حدّثنا زيد بن وهب) الجهني قال: (حدّثنا عبد الله) بن مسعود قال: (حدّثنا رسول الله وهو الصادق) في قوله (المصدوق) فيما وعده به الله ﷿.

(إن أحدكم) بكسر همزة إن في الفرع كأصله على معنى حدّثنا فقال: إن أحدكم أو إن وما بعدها محكيان بحدّثنا على ما عرف من مذهبهم في جواز الحكاية بما فيه من معنى القول لا حروفه، وقول أبي البقاء: لا يجوز إلا الفتح لأن قبله حدّثنا منقوص بما ذكر، ولأبي ذر عن الكشميهني: وإن خلق أحدكم (يجمع) بضم أوله وسكون ثانيه مبنيًّا للمفعول أي يضم (في بطن أمه أربعين يومًا) بلياليها بعد الانتشار، وزاد أبو عوانة نطفة، فبين أن الذي يجمع هو النطفة وهو المني، وذلك أن ماء الرجل إذا لاقى ماء المرأة بالجماع وأراد الله أن يخلق من ذلك الجنين هيّأ أسباب ذلك لأن في رحم المرأة قوتين قوة انبساط عند ورود مني الرجل حتى ينتشر في جسد المرأة وقوة انقباض بحيث لا يسيل من فرجها مع كونه منكوسًا، ومع كون المني ثقيلاً بطبعه وفي مني الرجل قوة الفعل وفي مني المرأة قوة الانفعال فعند الامتزاج يصير مني الرجل كالأنفحة للبن. وفي النهاية يجوز أن يريد بالجمع مكث النطفة في الرحم لتتخمر فيه حتى تتهيأ للتصوير (ثم يكون) أي يصير (علقة) دمًا غليطًا جامدًا (مثل ذلك) الزمان، والمعنى أنها تصير بتلك الصفة مدة الأربعين (ثم يكون) يصير (مضغة) قطعة لحم سميت بذلك لأنها بقدر ما يمضعه الماضغ (مثل ذلك) الزمان (ثم يبعث الله إليه) في الطور الرابع حتى يتكامل بنيانه وتتشكل أعضاؤه (ملكًا) وهو الموكّل بالرحم أي يأمره (بأربع كلمات) يكتبها من القضايا المقدرة في الأزل (فيكتب) الملك الكتابة المعهودة في صحيفة أو بين عينيه (عمله) هل هو صالح أو فاسد (وأجله) أهو طويل أو قصير (ورزقه) أهو حلال أو حرام قليل أو كثير والثلاثة نصب بيكتب ولأبي ذر فيكتب بضم التحتية وفتح الفوقية مبنيًّا للمفعول عمله وأجله ورزقه يرفع الثلاثة على النيابة عن الفاعل (و) هو (شقي) باعتبار ما يختم له (أم سعيد) باعتبار ما يختم له. كما دل عليه الحديث، والمراد أن الملك يكتب إحدى الكلمتين كأن يكتب مثلاً عمل هذا الجنين صالح وأجله ثمانون سنة ورزقه حلال وهو سعيد. قال الحافظ ابن حجر: وحديث ابن مسعود بجميع طرقه يدل على أن الجنين يتقلب في مائة وعشرين يومًا في ثلاثة أطوار كل طور منها في أربعين (ثم) بعد تمامها (ينفخ فيه الروح

<<  <  ج: ص:  >  >>