الله يستوي فيه الكبير والصغير. والجواب أنه دل تقديم الفاعل المعنوي في قوله ﴿أأنت فعلت﴾ على أن الكلام ليس في الفعل لأنه معلوم بل في الفاعل كقوله تعالى: ﴿وما أنت علينا بعزيز﴾ [هود: ٩١]. ودل قولهم ﴿سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم﴾ وقولهم ﴿قالوا فأتوا به على أعين الناس﴾ على أنهم لم يشكوا أن الفاعل هو فإذن لا يكون قصدهم في قولهم: ﴿أأنت فعلت هذا﴾ إلا بأن يقرّ بأنه هو فلما رد بقوله: ﴿بل فعله كبيرهم﴾ تعريضًا دار الأمر بين الفاعلين أو المعنى على التقديم والتأخير أي بل فعله كبيرهم إن كانوا ينطقون فاسألوهم فجعل النطق شرطًا للفعل إن قدروا على النطق قدروا على الفعل فأراهم عجزهم وفي ضمنه أنا فعلت ذلك.
وقال:(بينا) بغير ميم (هو) أي إبراهيم (ذات يوم وسارة) بنت هاران ملك حران زوجته معه وزاد مسلم وكانت من أحسن الناس وجواب بينا قوله (إذ أتى) أي مرّ (على جبار من الجبابرة) اسمه صادوق فيما ذكره ابن قتيبة وهو ملك الأردن أو سنان أو سفيان بن علوان فيما ذكره الطبري أو عمرو بن امرئ القيس بن سبأ وكان على مصر ذكره السهيلي (فقيل له: إن ههنا رجلاً) ولأبي ذر عن الكشميهني هذا رجل (معه امرأة من أحسن الناس فأرسل) الجبار (إليه) أي إلى الخليل (فسأله عنها فقال: من هذه) المرأة (قال) الخليل هي (أختي) أي في الإسلام، ولعله أراد بذلك دفع أحد الضررين بارتكاب أخفهما لأن اغتصاب الملك إياها واقع لا محالة لكن إن علم أن لها زوجًا حملته الغيرة على قتله أو حبسه وإضراره بخلاف ما إذا علم أن لها أخًا فإن المغيرة حينئذٍ تكون من قبل الأخ خاصة لا من قبل الملك فلا يبالي به، وقيل خاف أنه إن علم أنها زوجته ألزمه بطلاقها (فأتى) الخليل (سارة قال): ولأبي ذر: فقال (يا سارة ليس على وجه الأرض) التي وقع بها ذلك (مؤمن غيري وغيرك) بفتح الراء عند ابن الحطيئة عن أبي ذر وتخصيص الأرض بالأرض التي وقع بها ذلك دافع لاعتراض من قال إن لوطًا كان مؤمنًا معه قال تعالى: (﴿فآمن له لوط﴾ وإن هذا) الجبار (سألني) عنك (فأخبرته أنك أختي) في الإيمان (فلا تكذبيني) بقولك هو زوجي (فأرسل) الجبار (إليهما فلما دخلت عليه ذهب) ولأبي ذر عن الكشميهني: وذهب (يتناولها) ولأبي ذر تناولها بإسقاط التحتية بلفظ الماضي (بيده فأخذ) بضم الهمزة وكسر المعجمة مبنيًا للمفعول أي اختنق حتى ركض برجله كأنه مصروع. وعند مسلم أنه لما أرسل إليها قام إبراهيم يصلّي، وفي رواية الأعرج في البيوع في باب: شراء الملوك من الحربي وهبته وعتقه فأرسل بها إليه فقام إليها فقامت تتوضأ وتصلي فقالت: اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط عليّ الكافر فغطّ حتى ركض برجله، وفي مسلم لما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده فقبضت يده قبضة شديدة (فقال) لها (ادعي الله لي) وعند مسلم ادعي الله أن يطلق يدي (ولا أضرّك) ولأبي ذر: ولا أضرك بفتح الراء (فدعت الله فأطلق ثم تناولها الثانية) ولأبي ذر ثانية بغير ألف ولام (فأخذ) بضم الهمزة (مثلها) أي الأولى (أو أشد) منها (فقال) لها (ادعي الله لي) أن يخلصني (ولا أضرك) بفتح الراء وضمها كالسابقة (فدعت الله فأطلق فدعا بعض حجبته) بفتح الحاء المهملة والجيم جمع حاجب ولمسلم ودعا الذي جاء بها. قال