ذريح أمر بجيح رجل يصيح بلسان فصيح. قال عمر ﵁: فقلت في نفسي إن هذا الأمر ما يراد به إلا أنا. قال: فدخلت على أختي فإذا عندها سعيد بن زيد فذكر القصة في سبب إسلامه بطولها.
وفي حديث أسامة بن زيد عن أبيه عن جده أسلم قال: قال لنا عمر بن الخطاب ﵁: تحبون أن أعلمكم كيف كان بدء إسلامي؟ قلنا: نعم. قال: كنت من أشد الناس على رسول الله ﷺ فبينا أنا في: يوم حار بالهاجرة لقيني رجل من قريش اسمه نعيم بن عبد الله النحام وكان مخفيًّا إسلامه ﵁ فقال: أين تذهب يا ابن الخطاب إنك تزعم أنك هكذا وقد دخل عليك هذا الأمر في بيتك أختك قد صبت فرجعت مغضبًا فدخلت عليها فقلت: يا عدوة نفسها بلغني أنك قد صبأت وأرفع شيئًا في يدي فأضربها به فسال الدم فبكت ثم قالت: يا ابن الخطاب ما كنت فاعلاً فافعل فقد أسلمت، فنظرت فإذا بكتاب في ناحية البيت فقلت لها أعطينه فقالت: لا أعطيكه لست من أهله إنك لا تغتسل من الجنابة ولا تتطهر، وهذا لا يمسه إلا المطهرون فلم أزل بها حتى أعطتنيه فإذا فيه: ﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾ فلما مررت بالرحمن الرحيم ذعرت ورميت بالكتاب من يدي ثم رجعت إلى نفسي فأخذته فإذا فيه: ﴿سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم﴾ [الحديد: ١] فكلما مررت بالاسم من أسماء الله تعالى ذعرت ثم رجعت إلى نفسي حتى بلغت: (آمنوا بالله ورسوله﴾ [الحديد: ٧] إلى قوله: ﴿إن كنتم مؤمنين﴾ [الحديد: ٨] فقلت أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، فخرج القوم يتبادرون بالتكبير استبشارًا بما سمعوه مني، فلما دخلت على رسول الله ﷺ أخذ بمجامع قميصي فجذبني إليه ثم قال: أسلم يا ابن الخطاب اللهم اهده. فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فكبّر المسلمون تكبيرة سمعت بطرفي مكة ثم قال: ثم خرجت فقرعت باب خالي فقلت له: أشعرت أني صبوت فأجاف الباب دوني وتركني، فلما اجتمع الناس جئت إلى رجل لا يكتم السر فذكرت له فيما بيني وبينه أني قد صبوت ليشيع ذلك ليصيبني ما أصاب المسلمين من أذى قريش قال: فرفع الرجل صوته بأعلاه ألا أن ابن الخطاب قد صبأ. قال: فما زال الناس يضربوني وأضربهم قال فقال خالي: ما هذا؟ فقيل له ابن الخطاب فقام على الحجر فأشار بكمه فقال: ألا أني قد أجرت ابن أختي. قال: فانكشف الناس عني قال: وكنت لا أشأ أن أرى أحدًا من المسلمين يضرب إلا رأيته وأنا لا أضرب فقلت: ما هذا بشيء حتى يصيبني ما يصيب المسلمين. قال: فأمهلت حتى إذا جلس الناس في الحجر وصلت إلى خالي فقلت له جوارك رد عليك فما زلت أضرب وأضرب حتى أعز الله الإسلام. وهذا الخبر رواه ابن إسحاق وأن الذي كان في الصحيفة سورة طه.