حجر، وتعقبه العيني فقال: لا يقال في الضم إلا صبوان بالواو، وقد وهم هذا القائل حيث لم يعلم الفرق بين المادّة الواوية والمادّة اليائية قال: وأصل صبيان بالكسر صبوان لأن المادّة واوية فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها اهـ.
قلت: وفيما قاله نظر، فإن الذي قاله ابن حجر موافق لما قاله إمام عصره في لسان العرب المجد الشيرازي في قاموسه، وعبارته الصبي من لم يفطم وجمعه أصبية وأصب وصبوة وصبية وصبوان وصبيان وتضم هذه الثلاثة اهـ وهو يردّ على العيني كما ترى.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك) هو ابن أنس إمام دار الهجرة (عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام ﵄(عن عائشة أم المؤمنين)﵂(أنها قالت أُتي) بضم الهمزة وكسر المثناة الفوقية ولابن عساكر عن عائشة أم المؤمنين قالت:
أُتي (رسول الله ﷺ بصبي) وهو الذي لم يأكل ولم يشرب غير اللبن للتغذي وهو ابن أم قيس المذكورة بعد أو الحسن بن علي ﵄ أو أخوه الحسين ﵁ كما في الأوسط للطبراني (فبال على ثوبه) أي ثوب رسول الله -صى الله عليه وسلم- (فدعا بماء فأتبعه إياه) بفتح همزة أتبعه وإسكان المثناة وفتح الموحدة أي أتبع النبي ﷺ البول الذي على الثوب الماء بصبه عليه حتى غمره من غير سيلان كما يدل عليه قوله الآتي قريبًا إن شاء الله تعالى ولم يغسله، واكتفى بذلك لأن النجاسة مخففة وشمل قولي كأئمتنا لم يأكل غير اللبن لبن الآدمي وغيره وهو متجه كما في المهمات، وظاهره أنه لا فرق بين النجس وغيره، وأما قول الزركشي: لو شرب لبنًا نجسًا أو متنجسًا فينبغي وجوب غسل بوله كما لو شربت السخلة لبنًا نجسًا يحكم بنجاسة أنفحتها، وكذا الجلالة فإنه مردود بأن استحالة ما في الجوف تغير حكمه الذي كان بدليل قول الجمهور بطهارة لحم جدي ارتضع كلبة أو نحوها، فنبت لحمه على لبنها وبعدم تسبيغ المخرج فيما لو أكل لحم كلب، وإن وجب تسبيع الفم وما قاس عليه لم يذكره الأئمة كما اعترف هو به في أثناء كلامه وهو ممنوع لأن الأنفحة لبن جامد لم يخرج من الجوف كما ذكره الإمام والروياني وغيرهما فهي مستحيلة في الجوف، وقد عرف أن الحكم يتغير بالاستحالة والجلالة لحمها ولبنها طاهران كما صححه النووي كالجمهور، ونقله الرافعي عنهم، وإن صحح في المحرر خلافه قاله في شرح التنقيح.
وهذا الحديث من الخماسيات وفيه التحديث والإخبار والعنعنة وأخرجه النسائي في الطهارة.