وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك) إمام الأئمة (عن ابن شهاب) الزهري (عن عبيد الله بن عبد الله) بتصغير الأول (ابن عتبة) بن مسعود ﵁(عن أُم قيس) بفتح القاف وسكون المثناة التحتية، وذكرها الذهبي في تجريده في الكنى ولم يذكر لها اسمًا وعند ابن عبد البر اسمها جذامة بالجيم وبالذال المعجمة، وعند السهيلي آمنة (بنت) ولأبي الوقت والأصيلي ابنة (محصن) بكسر الميم وسكون الحاء وفتح الصاد المهملتين آخره نون وهي أخت عكاشة بن محصن وهي من السابقات المعمرات، ولها في البخاري حديثان.
(أنها أتت بابن لها) ذكر (صغير) بالجر صفة ابن كقوله (لم يكل الطعام) لعدم قدرته على مضغه ودفعه لمعدته (إلى رسول الله ﷺ فأجلسه رسول الله ﷺ في حجره) بكسر الحاء وفتحها وسكون الجيم (فبال على ثوبه) أي ثوب النبي ﷺ(فدعا بماء فنضحه) أي رشه بماء عمه وغلبه من غير سيلان كما يدل عليه قوله (ولم يغسله) لأنه لم يبلغ الإسالة، وقد ادّعى الأصيلي أن قوله ولم يغسله من كلام ابن شهاب ليس من المرفوع والفاءات الأربعة في قوله فأجلسه فبال فدعا بماء فنضحه للعطف بين الكلام بمعنى التعقيب، ومراده بالصغير هنا الرضيع بدليل قوله: لم يأكل. وعبّر بالابن دون الولد لأن الابن لا يطلق إلا على الذكر بخلاف الولد فإنه يطلق عليهما، والحكم المذكور إنما هو للذكر لا لها، ولا بدّ في بولها من الغسل على الأصل. وقد روى ابن خزيمة والحاكم وصحّحاه يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام، وفرّق بينهما بأن الائتلاف بحمل الصبي أكثر فخفف في بوله، وبأنه أرق من بولها فلا يلصق بالمحل كلصوق بولها، ولأن بولها بسبب استيلاء الرطوبة والبرودة على مزاجها أغلظ وأنتن ومثلها الخنثى كما جزم به في المجموع ونقله في الروضة عن البغوي وأفهم قوله لم يأكل الطعام أنه لا يمنع النضح تحنيكه بتمر ونحوه ولا تناوله السفوف ونحوه للإصلاح، وممن قال بالفرق عليّ بن أبي طالب، وعطاء بن أبي رياح، والحسن وأحمد بن حنبل وابن راهويه وابن وهب من المالكية، وذهب أبو حنيفة ومالك رحمهما الله إلى عدم الفرق بين الذكر والأنثى بل قالا بالغسل فيهما مطلقًا سواء أكلا الطعام أم لا، واستدل لهما بأنه ﵊ نضح والنضح هو الغسل لقوله ﵊ في المذي فلينضح فرجه. رواه أبو داود وغيره من حديث المقداد، والمراد به الغسل كما وقع التصريح به في مسلم والقصة واحدة كالراوي.
ولحديث أسماء في غسل الدم وانضحيه، وقد ورد الرش وأريد به الغسل كما في حديث ابن عباس في الصحيح لما حكى الوضوء النبوي أخذ غرفة من ماء ورش على رجله اليمنى حتى غسلها وأراد بالرش هنا الصب قليلاً قليلاً، وتأوّلوا قوله ولم يغسله أي غسلاً مبالغًا فيه بالعرك كما تغسل