للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيحوّل في صورة قبيحة وريح منتنة في صورة ضبعان. زاد ابن المنذر من هذا الوجه فإذا رآه كذلك تبرأ منه قال: لست أبي، وكان تبرؤه منه في الدنيا حين مات مشركًا فقطع الاستغفار له كما أخرجه الطبري بإسناد صحيح عن ابن عباس وقيل تبرأ منه يوم القيامة لما أيس منه حين مسخ كما صرح به ابن المنذر في روايته، وقد يجمع بينهما بأنه تبرأ منه في الدنيا لما مات مشركًا فترك الاستغفار له فلما رآه في الآخرة رقّ له فسأل الله فيه فلما مسخ أيس منه حينئذ وتبرأ منه تبرؤًا أبديًّا، قيل: والحكمة في مسخه لينفر إبراهيم منه ولئلا يبقى في النار على صورته فيكون فيه غضاضة على الخليل .

(قوله: ﴿وأنذر﴾) ولأبي ذر باب بالتنوين في قوله جل وعلا: ﴿وأنذر عشيرتك الأقربين﴾ [الشعراء: ٢١٤] أي الأقرب منهم فالأقرب فإن الاهتمام بشأنهم أهم ولأن الحجة إذا قامت عليهم تعدّت إلى غيرهم وإلاّ فكانوا علة للأبعدين في الامتناع ﴿واخفض جناحك﴾ [الشعراء: ٢١٥] أي (ألن جانبك) لمن اتبعك من المؤمنين مستعار من خفض الطائر جناحه إذا أراد أن ينحط ومن للتبيين والمؤمنين المراد بهم الذين لم يؤمنوا بعد بل شارفوا لأن يؤمنوا كالمؤلّفة مجازًا باعتبار ما يؤول إليه فكان من اتبعك شائعًا فيمن آمن حقيقة ومن آمن مجازًا فبين بقوله من المؤمنين، وأن المراد بهم المشارفون أي تواضع لهؤلاء استمالة وتأليفًا أو للتبعيض ويراد بالمؤمنين الذين قالوا آمنا. ومنهم من صدق واتبع، ومنهم من صدق فقط فقيل من المؤمنين وأريد بعض الذين صدقوا واتبعوا أي تواضع لهم محبة ومودة قاله في فتوح الغيب.

٤٧٧٠ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾ صَعِدَ النَّبِيُّ عَلَى الصَّفَا فَجَعَلَ يُنَادِي: «يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ» لِبُطُونِ قُرَيْشٍ. حَتَّى اجْتَمَعُوا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولًا لِيَنْظُرَ مَا هُوَ فَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِالْوَادِى تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قَالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلاَّ صِدْقًا. قَالَ: فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ، فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَنَزَلَتْ ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ﴾ [المسد: ١ - ٢].

وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص بن غياث) النخعي قال: (حدّثنا أبي) حفص قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان قال: (حدّثني) بالإفراد (عمرو بن مرة) بفتح العين في الأول وضم الميم وتشديد الراء في الثاني الجملي بالجيم والميم المفتوحتين (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ) أنه (قال: لما نزلت: ﴿وأنذر عشيرتك الأقربين﴾) زاد في سورة تبت: ورهطك منهم المخلصين وهو من عطف الخاص على العام وكان قرآنًا فنسخت تلاوته (صعد النبي على الصفا فجعل ينادي يا بني فهر) بكسر الفاء وسكون الهاء (يا بني عدي لبطون قريش حتى اجتمعوا

<<  <  ج: ص:  >  >>