فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا لينظر ما هو فجاء أبو لهب وقريش فقال) أي النبي ﷺ:
(أرأيتكم) أي أخبروني (لو أخبرتكم أن خيلًا) أي عسكرًا (بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي) بتشديد الدال المكسورة والتحتية المفتوحة وأصله مصدقين لي فلما أضيف إلى ياء المتكلم سقطت النون وأدغمت ياء الجمع في ياء المتكلم ومراده بذلك تقريرهم بأنهم يعلمون صدقه إذا أخبر عن شيء غائب (قالوا: نعم) نصدقك (ما جربنا عليك إلا صدقًا قال)﵊: (فإني نذير) أي منذر (لكم بين يدي عذاب شديد) أي قدامه (فقال أبو لهب): لعنه الله (تبًّا لك سائر اليوم) أي بقية وتبًّا نصب على المصدر بإضمار فعل أي ألزمك الله تبًّا (ألهذا جمعتنا؟) بهمزة الاستفهام الإنكاري (فنزلت: ﴿تبت﴾) أي هلكت أو خسرت (﴿يدا أبي لهب﴾) نفسه (﴿وتب﴾) أخبار بعد الدعاء (﴿ما أغنى عنه ماله وما كسب﴾) وكسبه بنوه.
وهذا الحديث من مراسيل الصحابة لأن ابن عباس إنما أسلم بالمدينة وهذه القصة كانت بمكة وكان ابن عباس إما لم يولد وإما طفلًا، وذكره المؤلّف في باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية من كتاب الأنبياء.
وبه قال:(حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف (أن أبا هريرة)﵁(قال: قام رسول الله ﷺ) على الصفا (حين أنزل الله: (﴿وأنذر عشيرتك الأقربين﴾ قال):
(يا معشر قريش -أو كلمة نحوها- اشتروا أنفسكم) بتخليصها من العذاب بالطاعة لأنها ثمن النجاة (لا أغني عنكم من الله شيئًا) لا أدفع. قال الله تعالى: ﴿هل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء أو لا أنفعكم﴾ [إبراهيم: ٢١](يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئًا يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئًا ويا صفية) وللأصيلي يا صفية (عمة رسول الله ﷺ: لا أغني عنك من الله شيئًا) ترقى في القرب من العم إلى الأمة في الأشخاص كما ترقى من قريش