وقد اعتنى الأئمة بشرح هذا الجامع، فشرحه الإمام أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي بشرح لطيف فيه نكت لطيفة ولطائف شريفة. واعتنى الإمام محمد التيمي بشرح ما لم يذكره الخطابي مع التنبيه على أوهامه. وكذا أبو جعفر أحمد بن سعيد الداودي وهو ممن ينقل عنه ابن التين الآتي. ومنهم المهلب بن أبي صفرة وهو ممن اختصر الصحيح. ومنهم أبو الزناد سراج. واختصر شرح المهلب تلميذه أبو عبد الله محمد بن خلف بن المرابط وزاد عليه فوائد، وهو ممن نقل عنه ابن رشيد. وشرحه أيضًا الإمام أبو الحسن علي بن خلف المالكي المغربي المشهور بابن بطال، وغالبه في فقه الإمام مالك من غير تعرّض لموضوع الكتاب غالبًا وقد طالعته. وشرحه أيضًا الإمام أبو حفص عمر بن الحسن بن عمر الفوزني الإشبيلي، وكذا أبو القاسم أحمد بن محمد بن عمر بن فرد التيمي وهو واسع جدًّا. والإمام عبد الواحد بن التين بفوقية تحتية ثم نون السفاقسي وقد طالعته.
والزين بن المنير في نحو عشر مجلدات. وأبو الأصبع عيسى بن سهل بن عبد الله الأسدي. والإمام قطب الدين عبد الكريم الحلبي الحنفي. والإمام مغلطاي التركي. قال صاحب الكواكب وشرحه بتتميم الأطراف أشبه وبصحف تصحيح التعليقات أمثل، وكأنه من إخلائه من مقاصد الكتاب على ضمان. ومن شرح ألفاظه وتوضيح معانيه على أمان. واختصره الجلال التباني وقد رأيته. والعلاّمة شمس الدين محمد بن يوسف بن علي بن محمد بن سعيد الكرماني فشرحه بشرح مفيد جامع لفرائد الفوائد وزوائد العوائد، وسماه الكواكب الدراري. لكن قال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة وهو شرح مفيد على أوهام فيه في النقل، لأنه لم يأخذه إلا في الصحف انتهى. وكذا شرحه ولده التقي يحيى مستمدًّا من شرح أبيه وشرح ابن الملقن وأضاف إليه من شرح الزركشي وغيره من الكتب، وما سنح له من حواشي الدمياطي وفتح الباري والبدر العنتابي، وسماه مجمع البحرين وجواهر الحبرين، وقد رأيته وهو في ثمانية أجزاء كبار بخطه مسودّة. وكذا شرحه العلاّمة السراج بن الملقن وقد طالعت الكثير منه. وكذا شرحه العلاّمة شمس الدين البرماوي في أربعة أجزاء أخذه من شرح الكرماني وغيره كما قال في أوّله: ومن أصوله أيضًا مقدمة فتح الباري وسماه اللامع الصبيح ولم يبيض إلا بعد موته، وقد استوفيت مطالعته كالكرماني، وكذا شرح الشيخ برهان الدين الحلبي وسماه التلقيح لفهم قارئ الصحيح وهو بخطه في مجلدين وبخط غيره في أربعة وفيه فوائد حسنة.
وقد التقط منه الحافظ ابن حجر حيث كان بحلب ما ظن أنه ليس عنده لكونه لم يكن معه إلا كراريس يسيرة من الفتح. وشرحه أيضًا شيخ الإسلام والحافظ أبو الفضل بن حجر وسماه فتح الباري وهو في عشرة أجزاء ومقدمته في جزء، وشهرته وانفراده بما اشتمل عليه من الفوائد الحديثية والنكات الأدبية والفوائد الفقهية تغني عن وصفه، لا سيما وقد امتاز كما نبّه عليه شيخنا بجمع طرق الحديث التي ربما يتبين من بعضها ترجيح أحد الاحتمالات شرحًا وإعرابًا، وطريقته في الأحاديث المكررة أنه يشرح في كل موضع ما يتعلق بمقصد البخاري بذكره فيه، ويحيل بباقي شرحه على المكان المشروح فيه. قال شيخنا: وكثيرًا ما كان رحمه الله تعالى يقول أودّ لو تتبعت الحوالات التي تقع لي فيه، فإن لم يكن المحال به مذكورًا أو ذكر في مكان آخر غير المحال عليه ليقع إصلاحه