للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمْ يَجِدْ، مَاءً كَيْفَ يَصْنَعُ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا يُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِقَوْلِ عَمَّارٍ حِينَ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ «كَانَ يَكْفِيكَ» قَالَ: أَلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِذَلِك؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى: فَدَعْنَا مِنْ قَوْلِ عَمَّارٍ، كَيْفَ تَصْنَعُ بِهَذِهِ الآيَةِ؟ فَمَا دَرَى عَبْدُ اللَّهِ مَا يَقُولُ. فَقَالَ إِنَّا لَوْ رَخَّصْنَا لَهُمْ فِي هَذَا لأَوْشَكَ إِذَا بَرَدَ عَلَى أَحَدِهِمُ الْمَاءُ أَنْ يَدَعَهُ وَيَتَيَمَّمَ. فَقُلْتُ لِشَقِيقٍ فَإِنَّمَا كَرِهَ عَبْدُ اللَّهِ لِهَذَا قَالَ نَعَمْ.

[الحديث ٣٤٦ - أطرافه في: ٣٣٨، ٣٣٩، ٣٤٠، ٣٤١، ٣٤٢، ٣٤٣، ٣٤٥، ٣٤٧].

وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص) بضم العين (قال: حدّثنا أبي) حفص بن غياث (عن الأعمش) سليمان بن مهران ولغير أبوي ذر والوقت حدّثنا الأعمش (قال: سمعت شقيق بن سلمة) هو أبو وائل (قال):

(كنت عند عبد الله) بن مسعود (وأبي موسى) الأشعري (فقال له) أي لابن مسعود (أبو موسى: أرأيت) أي أخبرني (يا أبا عبد الرحمن) هي كنية ابن مسعود (إذا أجنب) الرجل (فلم يجد ماء كيف يصنع)؟ ولابن عساكر: فلم يجد الماء، وفي رواية: إذا أجنبت فلم تجد الماء كيف تصنع بتاء الخطاب في الثلاثة؟ (فقال عبد الله: لا يصلي حتى) أي لا يصلي الرجل إلى أن (يجد الماء)، وللأصيلي حتى تجد بتاء الخطاب وسقط عنده، وابن عساكر لفظة الماء فاقتصرا على حتى تجد (فقال أبو موسى: فكيف تصنع بقول عمار حين قال له النبي كان يكفيك) أي مسح الوجه والكفّين؟ (قال) ابن مسعود: (ألم تر عمر لم يقنع بذلك) زاد في رواية أبي ذر عن المستملي والأصيلي وابن عساكر منه أي من عمار (فقال أبو موسى) له (فدعنا) أي اتركنا (من قول عمار) واقطع النظر عنه، (كيف تصنع بهذه الآية) أي قوله تعالى: (فلم يجدوا ماء فتيمموا) فانتقل في المحاجّة من دليل إلى آخر مما فيه الخلاف إلى ما عليه الاتفاق تعجيلاً لقطع خصمه وإفحامه، (فما درى) أي فلم يعرف (عبد الله) بن مسعود (ما يقول) في توجيه الآية على وفق فتواه، واستشكل ما ذهب إليه ابن مسعود كعمر من إبطال هذه الرخصة مع ما فيها من إسقاط الصلاة عمن خوطب بها وهو مأمور بها، وأجيب: بأنهما إنما تأوّلا الملامسة في الآية، وهي قوله تعالى (أو لامستم النساء) [المائدة: ٦] على مماسة البشرتين من غير جماع، إذ لو أراد الجماع لكان فيه مخالفة الآية صريحة لأنه تعالى قال: (وإن كنتم جنبًا فاطهروا) أي اغتسلوا ثم قال: (أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا) فجعل التيمم به بدلاً عن الوضوء، فلا يدل على جواز التيمم للجنب، ولعل مجلس المناظرة بين أبي موسى وابن مسعود ما كان يقتضي تطويل المناظرة، وإلاّ فكان لابن مسعود أن يجيب أبا موسى بأن الملامسة في الآية المراد بها تلاقي البشرتين بلا جماع كما مرّ والحاصل أن عمر وابن مسعود لا يريان تيمم الجنب لآية (وإن كنتم جنبًا فاطهروا) وآية (ولا جنبًا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) [النساء: ٤٣] (فقال) أي ابن مسعود (إنّا لو رخصنا لهم في هذا) أي في التيمم للجنب (لأوشك) بفتح الهمزة أي قرب وأسرع (إذا برد على أحدهم الماء) بفتح الراء وضمها كذا ضبطه في الفرع كأصله، لكن قال الجوهري الفتح أشهر (أن يدعه ويتيمم). قال

<<  <  ج: ص:  >  >>