أو مقابلة الفصل والقطع تفيد معنى زائدًا فإنها لو اقتصرف على تشبيه زوجها بلحم جمل على رأس جبل لاكتفت ببعد مناله ومشقة الوصول إليه والزهد فيه وهو غرضها لكنها زادت بسجعها غث ووعر معنيين بينين وبالغت في القول فأفادت بزيادتها التناهي في غاية الوصف انتهى كلام القاضي وإنما أطلنا به لما فيه من فرائد الفوائد.
وأما قوله في التنقيح تريد أنه مع قلة خيره متكبر على عشيرته فيجمع إلى منع الرفد سوء الخلق فتعقبه في المصابيح بأنه لا دلالة في لفظها على أنه متكبر على العشيرة مترفع على قومه انتهى.
ولعل هذا أخذه الزركشي من قول الخطابي إن تشبيهها له بالجبل الوعر إشارة إلى سوء خلقه وأنه يترفع ويتكبر ويسمو بنفسه أي جمع إلى قلة الخير التكبر.
(قالت) المرأة (الثانية) واسمها عمرة بنت عمرو التميمي تذم زوجها (زوجي لا أبث) بالموحدة المضمومة أي لا أظهر ولا أشيع (خبره) لطوله وفي رواية ذكرها القاضي عياض لا أنث بالنون بدل الموحدة أي لا أظهر حديثه الذي لا خير فيه لأن النث بالنون أكثر ما يستعمل في الشر، وعند الطبراني لا أنم بالنون والميم من النميمة (إني أخاف أن لا أذره) بالذال المعجمة والضمير يعود على قولها خبره عند ابن السكيت أي أخاف أن لا أترك من خبره شيئًا لأنه لطوله وكثرته لم أستطع استيفاءه فاكتفت بالإشارة خشية أن تطول العبارة، وقيل يعود الضمير إلى زوجها وكأنها خشيت إذا ذكرت ما فيه أن يبلغه فيفارقها ولا زائدة أو أنها إن فارقته لا تقدر على تركه لعلاقتها به وأولادها منه فاكتفت بالإشارة إلى أن له معايب وفاء بما التزمته من الصدق وسكتت عن تفسيرها للمعنى الذي اعتذرت به (إن أذكره أذكر) بالجزم جواب إن (عجره وبجره) بضم العين والموحدة وفتح الجيم. قال في القاموس: وذكر عجره وبجره أي عيوبه وأمره كله، وقال أبو عبيد القاسم بن سلام ثم ابن السكيت استعملا فيما يكتمه المرء ويخفيه عن غيره. وقال الخطابي: أرادت عيوبه الظاهرة وأسراره الكامنة. قال: ولعله كان مستور الظاهر رديء الباطن، وقال علي بن أبي طالب أشكو إلى الله عجري وبجري أي همومي وأحزاني وأصل العجرة الشيء يجتمع في الجسد كالسلعة والبجرة نحوها وقيل العجر في الظهر والبجر في البطن.
(قالت) المرأة (الثالثة) وهي حبى بضم الحاء المهملة وتشديد الموحدة مقصورًا بنت كعب اليماني تذم زوجها (زوجي العشنق) بفتح العين المهملة والشين المعجمة والنون المشددة بعدها قاف الطويل المذموم السيء الخلق وقيل: ذمته بالطول لأن الطول في الغالب دليل السفه لبُعد الدماغ عن القلب (إن أنطق) بكسر الطاء أي إن أذكر عيوبه فيبلغه (أطلق) بضم الهمزة وفتح الطاء واللام المشددة مجزوم جواب الشرط (وإن أسكت) عنها (أعلق) بوزن أطلق السابقة أي يتركني معلقة لا أيمًا فأتفرغ لغيره ولا ذات بعمل فأنتفع به. وقال في الفتح: الذي يظهر لي أنها أرادت وصف سوى حالها عنده فأشارت إلى سوء خلقه وعدم احتماله لكلامها إن شكت له حالها وأنها تعلم