(قالت عائشة)﵂ بالسند الأول (قال رسول الله ﷺ: كنت لك كأبي زرع لأم زرع) أي أنا لك فكان زائدة كقوله تعالى: ﴿كنتم خير أمة أُخرجت للناس﴾ [آل عمران: ١١٠] وهذا فيه شيء لأن كان لا تدل على الانقطاع ولا على الدوام، فليس في هذا الكلام ما يقتضي انقطاع هذه الصفة فلا حاجة إلى دعوى زيادة كان وإن المعنى أنا لك. وزاد في رواية الهيثم بن عدي في الإلفة والوفاء لا في الفرقة والجلاء، وزاد الزبير إلا أنه طلقها وأنا لا أطلقك فاستثنى الحالة المكروهة وهي ما وقع من تطليق أبي زرع تطييبًا لها وطمأنينة لقلبها ودفعًا لإيهام عموم التشبيه بجملة أحوال أبي زرع إذ لم يكن فيه ما تذمه النساء سوى ذلك، وقد أجابت هي عن ذلك جواب مثلها في فضلها وعلمها فقالت: كما عند النسائي والطبراني: يا رسول الله بل أنت خير من أبي زرع، وفي رواية الزبير: بأبي وأمي لأنت خير لي من أبي زرع لأم زرع.
(قال أبو عبد الله) البخاري، وفي اليونينية شطب بالحمرة على قال أبو عبد الله (قال سعيد بن سلمة) بن الحسام المدني الصدوق وليس له في البخاري إلا هذا الموضع وصوّبه الغساني، وقال الكرماني إنه في بعض النسخ أنه وقال موسى: أي ابن إسماعيل التبوذكي عن سعيد بن سلمة (عن هشام) بن عروة يعني بالإسناد ولأبي ذر قال هشام (ولا تعشش) بضم الفوقية وفتح العين المهملة وتشديد الشين الأولى (بيتنا تعشيشًا) وضبطها في الفتح تغشش بالغين المعجمة بدل المهملة قال: وهو من الغش ضد الخالص أي لا تملؤه بالخيانة بل هي ملازمة للنصيحة فيما هي فيه، وقيل كناية عن عفة فرجها، والمراد أنها لا تملأ البيت وسخًا بأطفالها من الزنا.
(قال أبو عبد الله) البخاري أيضًا: (وقال بعضهم: فأتقمح بالميم وهذا أصح) من الرواية بالنون وهو موافق لقول أبي عبيد أتقمح أي أروى حتى لا أحب الشرب، قال: وأما النون فلا أعرفه ولا أراه محفوظًا إلا بالميم وهذا يوضح أن الذي وقع في أصل رواية البخاري بالنون.
وهذا الحديث قد شرحه في جزء مفرد إسماعيل بن أبي أويس شيخ المؤلّف، وثابت بن قاسم، والزبير بن بكار، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث. وأبو محمد بن قتيبة، وابن الأنباري، وإسحاق الكاذي، وأبو القاسم عبد الحليم بن حيان المصري ثم الزمخشري في الفائق، ثم القاضي وهو أجمعها وأوسعها. ذكره الحافظ أبو الفضل بن حجر ﵀، وسيدي علي الوفوي على طريق القوم وأهل الإشارات، وأخرجه مسلم في الفضائل والنسائي، وأخرجه الترمذي في الشمائل.