الفاء وبعد الألف عين مهملة الأنصاري (عن جدّه رافع بن خديج) بفتح الخاء المعجمة وكسر الدال المهملة وبعد التحتية جيم، وقال أبو الاحوص عن سعيد عن عباية عن أبيه عن جدّه وتابع أبا الأحوص على زيادته في الإسناد عن أبيه حسان بن إبراهيم الكرمانيّ عن مسعود بن مسروق أخرجه البيهقي من طريقه وكذا رواه ليث بن أبي سليم عن عباية عن أبيه عن جدّه أنه (قال: كنا مع النبي ﷺ بذي الحليفة) من الأسماء المركبة تركيب إضافة فيعرب الأوّل بوجوده الإعراب والثاني مجرور على الإضافة كأبي هريرة وزاد سفيان الثوري عن أبيه من تهامة وهو مكان بالقرب من ذات عرق بين الطائف ومكة كما جزم به أبو بكر الحازمي وياقوت ووقع للقابسي أنها الميقات المشهور وكذا ذكره النووي (فأصاب الناس جوع فأصبنا إبلًا وغنمًا) من المغانم (وكان النبي ﷺ) كائنًا (في أُخريات الناس) آخرهم ليصونهم ويحفظهم إذ لو تقدّمهم لخيف أن يقتطع الضعيف منهم وكان بالمؤمنين رحيمًا (فعجلوا) من الجوع الذي كان بهم وذبحوا ما غنموه قبل القسمة (فنصبوا القدور) ووضعوا ما ذبحوه فيها وفي رواية الثوري فأغلوا القدور أي أوقدوا النار تحتها حتى غلت (فدفع) بضم الدال مبنيًّا للمفعول أي وصل (إليهم النبي ﷺ) ولأبي ذر هنا إليهم ومقتضاه سقوط إليهم الأولى (فأمر)ﷺ(بالقدور) أن تكفأ (فأكفئت) بضم الهمزة وسكون الكاف. قال ابن فرحون: أي فأمر رجلًا بكفء القدور ولأن أمر يتعدى إلى مفعول به إلى الثاني بالباء ويكون الثاني مصدرًا أو مقدرًا بمصدر تقول أمرتك الخير وأمرتك بالخير وتقول أمرتك بزيد ولا تقول أمرتك زيدًا لأن التقدير أمرتك بإكرام زيد أو بضرب زيد فيحذف المصدر ويقام المضاف إليه مقامه، وكذلك جاء هنا فلا يجوز فأمر القدور إلا بتقدير مضاف أي بكفء القدور فالباء الداخلة على المصدر به حذفه دخلت على القائم مقامه قال: وهذا الذي ظهر لي من التقدير ما وقفت عليه لكن وجدت القواعد تسوق إليه انتهى.
وقوله: فأكفئت أي فقلبت وأفرغ ما فيها أي من المرق كما قاله النووي عقوبة لهم قال: وأما اللحم فلم يتلفوه بل يحمل على أنه جمع وردّ إلى المغنم ولا يظن أنه أمر بإتلافه مع نهيه ﷺ عن إضاعة المال وهذا من مال الغانمين وأيضًا فالجناية بطبخه لم تقع من جميع مستحقي الغنيمة فإن منهم من لم يطبخ ومنهم المستحقون للخمس. فإن قيل: إنه لم ينقل أنهم حملوا اللحم إلى المغنم قلنا ولم ينقل أنهم أحرقوه أو أتلفوه فيجب تأويله على وفق القواعد انتهى.
لكن في حديث عاصم بن كليب عن أبيه وله صحبة عن رجل من الأنصار قال: أصاب الناس حاجة شديدة وجهد فأصابوا غنمًا فانتهبوها فإن قدورنا لتغلي بها إذ جاء رسول الله ﷺ على فرسه فأكفأ قدورنا بقوسه ثم جعل يرمل اللحم بالتراب ثم قال: "إن النهبة ليست بأحل من الميتة" رواه أبو داود بإسناد جيد على شرط مسلم، وترك تسمية الصحابي لا يضرّ ولا يقال لا يلزم من تتريب اللحم إتلافه لا مكان تداركه بالغسل لأن سياق الحديث يُشعِر بإرادة المبالغة في الزجر عن ذلك وهو كونهم انتهبوا ولم يأخذوا باعتدال فلو كان بصدد أن ينتفع به بعد ذلك لم يكن فيه كبير