من العموم الخصوص، وقال صاحب فتوح الغيب -رحمه الله تعالى-: والمجادلة هي قولهم لم لا تأكلون ما قتله الله وتأكلون ما قتلتموه أنتم وذلك أنما يصح في الميتة فدخل بقوله: ﴿وإنه لفسق﴾ ما أهل لغير الله فيه. وبقوله: ﴿وإن الشياطين ليوحون﴾ الميتة فتحقق قول الشافعي ﵀ أن النهي مخصوص بما ذبح على النصب أو مات حتف أنفه، واختلف في قوله: ﴿وإنه لفسق﴾ فقيل جملة مستأنفة قالوا ولا يجوز أن تكون منسوقة على سابقتها لأن الأولى طلبية وهذه خبرية، وقيل إنها منسوقة على السابقة ولا يضر تخالفهما وهو مذهب سيبويه، وقيل إنها حالية أي لا تأكلوه والحال أنه فسق.
قال في اللباب: وقد تبجح الرازي بهذا الوجه على الحنفية حيث قلب دليلهم عليهم بهذا الوجه وذلك لأنهم يمنعون من أكل متروك التسمية والشافعية لا يمنعون منه استدلّ الحنفية بظاهر الآية فقال الرازي هذه الجملة حالية ولا يجوز أن تكون معطوفة لتخالفهما طلبًا وخبرًا فتعين أن تكون حالية وإذا كانت حالية كان المعنى لا تأكلوه حال كونه فسقًا ثم هذا الفسق مجمل فسره الله تعالى في موضع آخر فقال: ﴿أو فسقًا أهلّ لغير الله به﴾ يعنى أنه إذا ذكر غير اسم الله على الذبيحة فإنه لا يجوز أكلها لأنه فسق، وقد يجاب بأن يقال سلمنا إن ما أهلّ لغير الله به يكون فسقًا ونحن نقول به ولا يلزم من ذلك أنه إذا لم يذكر اسم الله عليه ولا اسم غيره أن يكون حرامًا وللنزاع فيه مجال من وجوه: منها إنّا لا نسلم امتناع عطف الخبر على الطلب والعكس كما مرّ عن سيبويه، وإن سلم قالوا وللاستناف وما بعدها مستأنف، وإن سلم أيضًا فلا نسلم أن فسقًا في الآية الأخرى مبين للفسق في هذه الآية فإن هذا ليس من باب المجمل والمبين لأن له شروطًا ليس موجودة هنا وسقط قوله ليجادلوكم إلى آخره لأبي ذر.
وبه قال:(حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد (موسى بن إسماعيل) أبو سلمة التبوذكي البصريّ قال: (حدّثنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري (عن سعيد بن مسروق) والد سفيان الثوري (عن عباية بن رفاعة بن رافع) بفتح العين والموحدة المخففة بعدها تحتية ورفاعة بكسر الراء وتخفيف