[يوسف: ١٠٨] وأما النور الذي فوقه فهو تنزل نور إلهي قدسي بعلم غريب لم يتقدمه خبر ولا يعطيه نظر وهو الذي يعطي من العلم بالله ما ترده الأدلة العقلية إذا لم يكن لها إيمان فإن كان لها إيمان نوراني قبلته بتأويل لتجمع بين الأمرين وقوله: واجعل لي نورًا يجوز أنه ﷺ أراد نورًا عظيمًا جامعًا للأنوار كلها يعني التي ذكرها هنا والتي لم يذكرها كأنوار السماء الإِلهية وأنوار الأرواح وغير ذلك. وتحقيق هذا المقام يقتضي بسطًا يخرج عن غرض الاختصار.
(قال كريب): مولى ابن عباس بالسند المذكور (وسبع) من الكلمات أو الأنوار (في التابوت) الصدر الذي هو وعاء القلب تشبيهًا بالتابوت الذي يحرز فيه المتاع أو التابوت الذي كان لبني إسرائيل فيه السكينة أو الصندوق أي سبع مكتوبة عند كريب لم يحفظها ذلك الوقت أو المراد بالتابوت حينئذٍ أن السبعة بجسد الإنسان لا بالمعاني كالجهات الست قال كريب، أو سلمة بن كهيل:(فلقيت رجلاً من ولد العباس) هو عليّ بن عبد الله بن العباس ﵃(فحدثني بهن فذكر عصبي) بفتح العين والصاد المهملتين ثم موحدة أطناب المفاصل (ولحمي ودمي وشعري وبشري) ظاهر جلده الشريف (وذكر خصلتين) أي العظم والمخ كما قاله السفاقسي والداودي، وقال في الكواكب: لعلهما الشحم والعظم وفي مسلم من طريق عقيل عن سلمة بن كهيل فدعا رسول الله ﷺ بتسع عشرة كلمة حدثنيها كريب فحفظت منها عشرًا ونسيت ما بقي فذكر ما في رواية الثوري وزاد: في لساني نورًا بعد قوله في قلبي، وقال في آخره: واجعل لي في نفسي نورًا وأعظم لي نورًا.
وعند الترمذي وقال: غريب من طريق داود بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده سمعت نبي الله ﷺ ليلة حين فرغ من صلاته يقول: "اللهم إني أسألك رحمة من عندك" الحديث. وفيه "اللهم اجعل لي نورًا في قبري" ثم ذكر القلب ثم الجهات الست والسمع والبصر ثم الشعر والبشر ثم اللحم والدم ثم العظام ثم قال في آخره "اللهم أعظم لي نورًا وأعطني نورًا واجعل لي نورًا". وعند ابن أبي عاصم في كتاب الدعاء من طريق عبد الحميد بن عبد الرَّحمن عن كريب في آخر الحديث "وهب لي نورًا على نور".
والحديث أخرجه مسلم في الصلاة وفي الطهارة وأبو داود في الأدب والنسائي في الصلاة وابن ماجة في الطهارة.