للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنهن، وفي كلامهم المرء مفتون بولده وقدمت على الأموال لأنها أحب إلى المرء من ماله، وأما تقديم المال على الولد في بعض المواضع فإنما ذلك في سياق امتنان وإنعام أو نصرة ومعاونة لأن الرجال تستمال بالأموال، ثم ذكر تمام اللذة وهو المركوب البهيّ من بين سائر الحيوانات ثم أتى بما يحصل به جمال ﴿حين يريحون وحين يسرحون﴾ [النحل: ٦] كما تشهد به الآية الأخرى ثم ذكر ما به قوامهم وحياة بنيتهم وهو الزرع والثمار ومنها الإتيان بلفظ يشعر بشدة حب هذه الأشياء بقوله زين والزينة محبوبة في الطباع ومنها التجنيس في القناطير المقنطرة، ومنها الجمع بين ما يشبه المطابقة في قوله الذهب والفضة لأنهما صارا متقابلين في غالب العرف وغير ذلك وسقط لأبي ذر قوله والقناطير الخ.

(قال) ولأبي ذر وقال (عمر) بن الخطاب في الآية المذكورة (اللهم إنّا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينته) بإثبات الضمير ولأبي ذر بما زينت (لنا) في آية زين للناس حب الشهوات ثم لما رأى أن فتنة المال مسلطة على من فتحه الله عليه لتزيين الله تعالى له دعا الله تعالى بقوله (اللهم إني أسألك أن أنفقه في حقه) لأن من أخذ المال من حقه ووضعه في حقه فقد سلم من فتته.

وهذا الأثر وصله الدارقطني في غرائب مالك من طريق إسماعيل بن أبي أويس عم مالك عن يحيى بن سعيد هو الأنصاري أن عمر بن الخطاب أتي بمال من الشرق يقال له نفل كسرى فأمر به فصب وغطي، ثم دعا الناس فاجتمعوا ثم أمر به فكشف عنه فإذا حلي وجوهر ومتاع فبكى عمر وحمد الله ﷿ فقالوا له، ما يبكيك يا أمير المؤمنين هذه غنائم غنمها الله لنا ونزعها من أهلها؟ فقال: ما فتح الله من هذا على قوم إلا سفكوا دماءهم واستحلوا حرمهم. قال: فحدثني زيد بن أسلم أنه بقي من ذلك المال مناطق وخواتم فرفع فقال له عبد الله بن أرقم حتى متى تحبسه لا تقسمه قال: بلى إذا رأيتني فارغًا فآذني به فلما رآه فارغًا بسط شيئًا في حش نخلة ثم جاءه به في مكتل فصبه فكأنه استكثره ثم قال: اللهم أنت قلت ﴿زين للناس حب الشهوات﴾ فتلا الآية حتى فرغ منها ثم قال: لا نستطيع إلا أن نحب ما زينت لنا فقني شره وارزقني أن أنفقه في حقه فما قام حتى ما بقي منه شيء.

٦٤٤١ - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ يَقُولُ: أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِىَّ فَأَعْطَانِى ثُمَّ سَأَلْتُهُ، فَأَعْطَانِى ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى، ثُمَّ قَالَ: «هَذَا الْمَالُ» وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ لِى: «يَا حَكِيمُ إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِى يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى».

وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: سمعت

<<  <  ج: ص:  >  >>