للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

باسم ربك الذي خلق﴾) كل شيء وموضع باسم ربك النصب على الحال أي اقرأ مفتتحًا باسم ربك قل باسم الله ثم اقرأ (حتى بلغ ﴿ما لم يعلم﴾) [العلق: ١ - ٥] ولأبي ذر حتى بلغ: ﴿علّم الإنسان ما لم يعلم﴾ وفيه كما قال الطيبي إشارة إلى رد ما تصوّره من أن القراءة إنما تتيسر بطريق التعليم فقط بل إنها كما تحصل بواسطة المعلم قد تحصل بتعليم الله بلا واسطة فقوله: علم بالقلم إشارة إلى العلم التعليمي وقول: علم الإنسان ما لم يعلم إشارة إلى العلم اللدني ومصداقه قوله تعالى: ﴿إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى﴾ [النجم: ٥] (فرجع بها) بالآيات المذكورة حال كونه (ترجف) تضطرب (بوادره) جمع بادرة وهي اللحمة بين العنق والمنكب، وقال ابن بري هي ما بين المنكب والعنق يعني أنها لا تختص بعضو واحد وإنما رجفت بوادره لما فجئه من الأمر المخالف للعادة لأن النبوة لا تزيل طباع البشرية كلها (حتى دخل على خديجة فقال: زملوني زملوني) مرتين أي غطّوني بالثياب ولفوني بها (فزملوه) بفتح الميم (حتى ذهب عنه الروع) بفتح الراء الفزع (فقال: يا خديجة ما لي وأخبرها) ولأبي ذر عن الكشميهني وأخبر (الخبر وقال: قد خشيت على نفسي) أن لا أقوى على مقاومة هذا الأمر ولا أقدر على حمل أعباء الوحي فتزهق نفسي ولأبي ذر عن الحموي والمستملي عليٌّ بتشديد الياء (فقالت له) خديجة: (كلا) نفي وإبعاد أي لا خوف عليك (أبشر) بخير أو بأنك رسول الله حقًّا (فوالله لا يخزيك الله أبدًا) بضم التحتية وسكون الخاء المعجمة من الخزي ولأبي ذر عن الكشميهني لا يحزنك بالحاء المهملة والنون بدل المعجمة والياء من الحزن (إنك لتصل الرحم) أي القرابة (وتصدق الحديث وتحمل الكل) بفتح الكاف وتشديد اللام الثقل ويدخل فيه الإنفاق على الضيف واليتيم والعيال وغير ذلك (وتقري الضيف) بفتح الفوقية من غير همز أي تهيئ له طعامه ونزله (وتعين على نوائب الحق) حوادثه أرادت أنك لست ممن يصيبه مكروه لما جمع الله فيك من مكارم الأخلاق ومحاسن الشمائل.

وفيه دلالة على أن مكارم الأخلاق وخصال الخير سبب للسلامة من مصارع السوء وفيه مدح الإنسان في وجهه في بعض الأحوال لمصلحة تطرأ، وفيه تأنيس من حصلت له مخافة من أمر، وفي دلائل النبوة للبيهقي من طريق أبي ميسرة مرسلاً أنه قصّ على خديجة ما رأى في المنام فقالت له: أبشر فإن الله لا يصنع بك إلا خيرًا ثم أخبرها بما وقع له من شق البطن وإعادته فقالت له: أبشر إن هذا والله خير ثم استعلن له جبريل فذكر القصة فقال لها: أرأيتك الذي رأيت في المنام فإنه جبريل استعلن لي بأن ربي أرسله إليّ وأخبرها بما جاء به فقالت: أبشر فوالله لا يفعل الله بك إلاّ خيرًا فأقبل الذي جاءك من الله فإنه حق وأبشر فإنك رسول الله.

(ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به) مصاحبة له (ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهو) أي ورقة (ابن عم خديجة) وهو (أخو أبيها) ولابن عساكر فيما ذكره في الفتح أخي أبيها بالجر في أخي صفة للعم ووجه الرفع أنه خبر مبتدأ محذوف وفائدته رفع المجاز في إطلاق العم فيه (وكان) ورقة (امرأً تنصّر) دخل في دين النصرانية (في الجاهلية) قبل البعثة المحمدية (وكان يكتب الكتاب العربي) وفي باب بدء الوحي العبراني (فيكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء

<<  <  ج: ص:  >  >>