للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالحق وهو القصد إلى التمييز بين المؤمن المخلص وبين من في قلبه مرض وأن يكون قسمًا إما بالحق الذي هو نقيض الباطل أو بالحق الذي هو من أسمائه وجوابه (﴿لتدخلن المسجد الحرام﴾) وعلى الأول هو جواب قسم محذوف (﴿إن شاء الله﴾) حكاية من الله تعالى قول رسوله لأصحابه وقصه عليهم أو تعليم لعباده أن يقولوا في غداتهم مثل ذلك متأدّبين بأدب الله ومقتدين بسنته (﴿آمنين﴾) حال والشرط معترض (﴿محلقين﴾) حال من الضمير في آمنين (﴿رؤوسكم﴾) أي جميع شعورها (﴿ومقصرين﴾) بعض شعورها (﴿لا تخافون﴾) حال مؤكدة (﴿فعلم ما لم تعلموا﴾) من الحكمة في تأخير فتح مكة إلى العام القابل (﴿فجعل من دون ذلك﴾) من دون فتح مكة (﴿فتحًا قريبًا﴾) [الفتح: ٢٧] وهو فتح خيبر لتستروح إليه قلوب المؤمنين إلى أن يتيسر الفتح الموعود وتحققت الرؤيا في العام القابل. وقد روي أنه أري وهو بالحديبية أنه دخل مكة هو وأصحابه محلقين فلما نحر الهدي بالحديبية قال أصحابه: أين رؤياك: فنزلت رواه الفريابي وعبد بن حميد والطبري من طريق ابن أبي نجيح، وسقط لأبي ذر في روايته (﴿محلقين﴾) إلى آخرها وقال بعد قوله: ﴿آمنين﴾ إلى قوله: ﴿فتحًا قريبًا﴾.

٦٩٨٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»

[الحديث ٦٩٨٣ - طرفه في: ٦٩٩٤].

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) بن قعنب القعنبي (عن مالك) الإمام الأعظم (عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) الأنصاري المدني (عن أنس بن مالك) (أن رسول الله قال):

(الرؤيا الحسنة) أي الصالحة (من الرجل الصالح) وكذا المرأة الصالحة غالبًا (جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوّة) مجازًا لا حقيقة لأن النبوّة انقطعت بموته وجزء النبوّةِ لا يكون نبوة كما أن جزء الصلاة لا يكون صلاة. نعم إن وقعت من النبي فهي جزء من أجزاء النبوّة حقيقة. وقيل: إن وقعت من غيره فهي جزء من علم النبوّة لأن النبوّة وإن انقطعت فعلمها باق، وقول مالك لما سئل أيعبر الرؤيا كل أحد فقال أبالنبوة تلعب، ثم قال: الرؤيا جزء من النبوّة فلا يلعب بالنبوة أجيب عنه: بأنه لم يرد أنها نبوة باقية وإنما أراد أنها لما أشبهت النبوّة من جهة الإطلاع على بعض الغيب لا ينبغي أن يتكلم فيها بغير علم.

وأما وجه كونها ستة وأربعين جزءًا فأبدى بعضهم له مناسبة وذلك أن الله أوحى إلى نبيه في المنام ستة أشهر ثم أوحى إليه بعد ذلك في اليقظة بقية مدة حياته، ونسبتها إلى الوحي في المنام جزء من ستة وأربعين جزءًا لأنه عاش بعد النبوة ثلاثًا وعشرين سنة على الصحيح، فالستة الأشهر نصف سنة فهي جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة، وتعقبه الخطابي بأنه قاله على سبيل

<<  <  ج: ص:  >  >>